لا ابالغ حينما أقول أنني أصبت بالكآبة منذ كتبت عن "إذلال المتفوقات الجميلات العفيفات ،"يوم الأحد الماضي ، وكنت أتوقع أن يحدث المقال رجة في المستويات العليا في الدولة ، كما أحدث هزة ضميرية لدى كل من قرأه ،
وحدث ما كنت أتوقع ، لأن هذا البلد الطيب لا يمكن أن يصم آذانه عن أنات المظلومين ، فقد استدعاني الدكتور حسن العبداللات مدعي عام عمان الأول ، وأبلغني اهتمام النيابات العامة ودائرة الإدعاء العام ووزارة العدل بالقضية ، وأخذ مني إفادة مفصلة كشاهد إدعاء بالحق العام في هذه القضية وكل ما يتعلق بها ، ولمست من عطوفته حُرقة وحرصا شديدين على ملاحقة من يساومون الطالبات العفيفات الشريفات على شرفهم ، لقاء مساعدتهن في العلامات أو دفع معونات مالية لهن ، كون بعضهن لا يستطعن جراء الفقر إكمال دراستهن ، كما لمست إصرارا كبيرا على متابعة هذه القضية ، وملاحقة كل من تسول له نفسه العبث بقدسية التعليم الجامعي ، وسمعة بلادنا كمنارة للتعليم الجامعي القائم في مجتمع محافظ يحفظ كرامة المرأة ، ويتمعر وجهه غضبا إذا مُست حرمات الله عز وجل.
لقد كتبت عن هذه القضية عدة مقالات ، كان آخرها يوم الأحد الماضي ، وكنت كتبت قبل أشهر عن القضية ذاتها ، وعبر نشر رسالة أخرى من إحدى فتياتنا الشريفات العفيفات ، التي تحدثت صراحة عن "التحرش الجنسي" في بعض دور العلم ، ووصفت الظاهرة حينها بأنها "آفة باتت بحاجة لوقفة جادة" وتساءلت حينها قائلة بألم عميق: ما رأيك يا سيدي حينما تُساوم طالبة على علامتها إن رفضت الرضوخ لرغبات دكتورها الذي قد تضطر للتسجيل في محاضراته كونه الدكتور الحصري للمادة ، مع العلم أنا لا أتحدث عن حالة فردية بل عن ظاهرة المسكوت عنه ، دكتور يطلب من طالبته أن يتحسس جسدها وحسب ، وآخر يساومها على قبلة وغيره يراودها عن نفسها مقابل تفوق ، ماذا نفعل نحن معشر الإناث هل نخبر عائلاتنا ونقلب الجامعة ساحة معركة أم نرضخ لهذا الاستغلال ونخسر معه شرفنا أم نشتكي؟.
ولكن من منا قادرة على فضح نفسها وهي غير ضامنة للنتائج التي قد تصب في مصلحة الدكتور المهيمن على المواد الحصرية التي تتيح له التمرد على أعراض الآخرين ومن ثم كيف لنا أن نشتكي إن كنا حبات قمح وقاضينا دجاجة".
هذا ما كتبته تلك الطالبة المقهورة قبل أشهر ونشرته في هذا المكان ، ولكن لقائي بالأمس مع الدكتور حسن العبداللات مدعي عام عمان الأول ، قلب هذا المفهوم تماما ، فها هم حراس القانون والشرف في بلادنا -حماهم الله - يفتحون أبوابهم لكل يريد أن يقف وقفة حق ضد هؤلاء الذين يسيئون لنا جميعا ، ويلطخون وطننا كملاذ من ملاذات العلم والأخلاق في الوطن العربي كله ، ولا يمكن أن تتم هذه الوقفة إلا بتوفير ما يكفي من معلومات لملاحقة السفلة والمجرمين ، وهم قلة والحمد لله ، لكن أفعالهم الشنيعة كبيرة بأثرها ، رغم صغر حجمها ، فعلى كل طالبة أو ولي أمر أو طالب أو دكتور جامعة أو رئيس قسم لديه أي معلومات عن هذه الظاهرة ، رجاء التواصل معي عبر الإيميل أو الهاتف ، كي نكون جزءا من حملة وطنية للدفاع عن الشرف ، ومحاربة الرذيلة وشياطينها ، وكي نحمي الأجيال الصاعدة من شرور كل من تسول له نفسه العبث بأعراضنا الطاهرة ، هذه أمانة في عنق كل منا ، جميعنا مسؤولون عنها أمام الواحد الأحد ، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ، والساكت عن الحق شيطان أخرس ، فأينا يرتضي أن يكون كذلك؟؟ ولا عذر لأي منا يمتلك ما يدفع هذا الشر ، فيمسك عن الإدلاء بما لديه من معلومات ، كي تتم ملاحقة أي مجترىء على أعراضنا الطاهرة قانونيا ، كي ينال عقالبه الذي يستحقه.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة حلمي الأسمر جريدة الدستور