كانت اخر كلمات عمر المختار قبل اعدامه: "نحن لا نستسلم... ننتصر أو نموت... وهذه ليست النهاية... بل سيكون عليكم أن تحاربوا الجيل القادم والاجيال التي تليه... اما أنا... فإن عمري سيكون أطول من عمر شانقي..." ومن قبل عمر المختار قالها أيضا عز الدين القسام: إنه جهاد.. نصر أو استشهاد،.

وها هم أحفاد عمر المختار ، يتصدون لمدافع ـ الأخ العقيد ـ سفاح القرن الذي أعلن الحرب على ليبيا ، فضرب نساءها وشيوخها وشبابها بقاذفات الصواريخ ، ومضادات الدروع ، وقد رأيت بأم عيني كيف تحولت الأجساد البشرية إلى أشلاء مقطعة الأوصال ، وقد سمعت بأذني كيف تفرض كتائب القتلة الآن حظرا فريدا للتجول ، فلا تسمح حتى لرأس بشري أن يطل من الشباك ، وقد سمعت شاهد عيان على إذاعة دولية يصف كيف قتل المجرمون امرأة ، فقط لأنها أطلت برأسها من الشباك،.

حينما نرى قائدا عربيا ، كان حتى وقت قريب تفرش له السجادة الحمراء حينما يزور بلدا ، ويستقبل بإطلاق واحد وعشرين طلقة ، وتعزف له موسيقى النشيد الوطني ، حينما نرى قائدا كهذا ، يتحول إلى وحش يائس كاسر ، يحارب أبناء شعبه ، نحلف أعظم وأغلظ الأيمان أنه ليس بإنسان ، ولم يخلص يوما لبلده ، كيف لا وقد جاء على ظهر دبابة ، فربض على قلوب البشر اثنين وأربعين عاما ، وما له من شرعية غير شرعية استهبال واستغفال البشر ، وتوزيع "العلف" عليهم ، وشراء سكوتهم ، أو اغتصاب هذا السكوت ، بالحديد والنار والعسف والقهر.

لو كان عمر المختار يعرف أن مجرما كهذا "سيحتل" ليبيا بالمرتزفة ، وسيحكمها بالدم ، ماذا كان سيفعل؟ ألم يكن ليعلن الحرب عليه ، كما فعل مع الاحتلال الإيطالي؟ ماذا يختلف هذا السفاح عن أي محتل آخر؟ ماذا أبقى للاحتلال الصهيوني أن يفعل بالأهل في فلسطين؟ أهؤلاء هم قادة وزعماء الدول العربية؟؟ ماذا نقول لأبنائنا حينما يسمعون أن زعيما كزين العابدين بن على كان يخبئ في أحد قصوره كنزا من الياقوت والألماس والذهب ، وشعبه جائع؟ كيف سنقنع الأجيال الصاعدة بضرورة الولاء لحكام كهؤلاء؟ لا يُستأمنون على "خم دجاج" وليس على مصير شعب ، ومستقبل أمه ، فهم لصوص وقتلة وسفاحون ، ماذا أقول لابني حين يسألني عن مبارك وملياراته التي لا تأكلها النيران؟ كيف سأقنعه بضرورة الصمت ، وعدم الثورة على أفاعيل كهذه ، يندى لها جبين البشرية؟ ماذا سيكتب التاريخ ، واخجلاه منك يا تاريخ،.

كنا في الماضي ننال من جمال عبد الناصر ، لأنه اختلف مع الإخوان وبعض التيارات الأخرى فبطش بها على نحو آو آخر ، ولكننا لم نحسب حسابَ أن يأتي أحد تلاميذه أو من كان يعتبر نفسه كذلك ، وهو القذافي ، ليبطش بشعبه كله ، مستعينا بالقتلة والمجرمين ، فيضع إعلانات في صحف أفريقية تطلب قتلة مأجورين بأجر يومي يبلغ ألفي دولار، وتسألون من بعد أين تذهب ثروات الأمة؟ ولم ترتفع نسبة الفقر في بلادنا؟ ولم تتعثر التنمية؟ ولم ترتفع المديونيات؟؟.

للعلم فقط ، القذافي العبقري ، قال إبان ثورة مصر: إن مبارك فقير ، ونحن نقدم له المساعدات ، أما بن علي ، فالتوانسة يكرهونه لأن زوجته طرابلسية ، والموساد وراء ثورة شباب مصر ، أما اليوم ، فثوار ليبيا يتعاطون حبوب الهلوسة،.

رحم الله جمال عبد الناصر ، فهو على الأقل لم يسرق قوت مصر ، ورحم الله الملك السنوسي ، الذي انقلب عليه القذافي ، ليحول ليبيا عمر المختار ، إلى مسلخ كبير تنتهك فيه الأعراض ، وتسفك فيه الدماء،،.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة  حلمي الأسمر   جريدة الدستور