اليورو وصل قبل يومين الى أدنى حد له حيال الدولار، وهنالك قراءات تتنبأ أن تتقلص قيمة اليورو حتى تصل الى دولار واحد.
بالطبع هنالك ضغوط أميركية على الصين لكي تعيد تقييم عملتها "اليوان"، انسجاما مع النظرية التي تقول أن ارتفاع الوفر التجاري للصين يجب أن ينعكس على سعر تبادل عملتها. ومدير صندوق النقد الدولي يطالب الدول التي ربطت سعر عملتها بالدولار الأميركي بالتراجع عن هذا الترتيب.
ومن الواضح أن التطاير والعصبية هما السمتان اللتان تصفان سوق النقد الدولية، وأن هذه الفوضى في الأسعار تأتي انعكاسا للتطورات الاقتصادية داخل الدول صاحبة العملات، وبتحفيز من حالة التناحر الاقتصادي الذي يبدو أن العالم قد دخل فيه.
ولعل من المفارقات أن صعود العملات أو هبوطها هو انعكاس لدرجات الضعف في الأداء الاقتصادي للدول الكبرى كما تظهره مؤشراتها الاقتصادية.
فهبوط اليورو حيال الدولار لم ينتج عن أن الأداء الاقتصادي الأميركي أفضل بكثير من الوضع الماثل في دول الاتحاد الأوروبي، فالاقتصاد الأميركي ما يزال يعاني من عجز كبير في الميزان التجاري، وعجز أكبر في الموازنة، وتحسن ضئيل في نسب البطالة المرتفعة.
وينطبق القول نفسه على أوروبا التي تعاني من البطالة، ومن العجز التجاري، والعجز الكبير في موازنات الدول الأعضاء فيها. إذن لماذا ينخفض اليورو بهذه السرعة حيال الدولار؟
السبب هو أن الولايات المتحدة تبدو أكثر قدرة على مواجهة مشكلاتها الاقتصادية من أوروبا ، فبعد الأزمة اليونانية بدت أوروبا حائرة مترددة، وفاجأت العالم برزمة إنقاذ لاقتصادات أعضائها المهددة بالشلل الاقتصادي، وصلت حوالي تريليون دولار ( 750 بليون يورو).
وبدأ المحللون يتساءلون عن مصادر التمويل لهذه العملية الإنقاذية، وما هي كلفتها، وهل بالإمكان تحملها. وللتذكير، فإن إدارة الرئيس "أوباما" وضعت برنامجاً مساوياً لذلك بالمقدارلإنقاذ الاقتصاد الأميركي العام الماضي.
ويلاحظ أن هذا التراجع والتذبذب في أسعار العملات حيال بعضها البعض قد أفاد الذهب، والعودة الى الذهب وارتفاع أسعاره الكبير يعكس حالة عدم الثقة بالعملات الورقية في العالم. وتبين كذلك أن مناجم الذهب الأصفر في دولة جنوب افريقيا صارت أقل إنتاجاً وأكثر كلفة مما يعكس تراجعا في كميات الذهب الجديدة المعروضة للبيع.
وينطبق التحليل نفسه على كل من الاسترليني، والفرنك السويسري، والين الياباني. ولذلك يبدو أن العالم لم يخرج بعد من الفوضى الاقتصادية، وأن أقطاب العالم تدخل في صراعات اقتصادية لمدة قد تطول قبل أن يصل العالم الى واحد من حلين.
الحل الأول هو أن نعود الى قاعدة الذهب، ونعيد تسعير كل العملات بهذا اللّماع الذي لا يبدو أنه يفقد بريقه طال الزمان أم قصُر. والحل الثاني أن يدخل العالم في ترتيب جديد يستوعب ثلاث عملات رئيسية وهي الدولار، واليورو، وعملة آسيوية جديدة قد تكون خليطاً من اليوان الصيني والين الياباني أو من أحدهما فقط.
وفي هذه الأثناء فإن بركان آيسلندا سيستمر في قذف حِممه، وستحصل الانفجارات القاتلة في مناجم الفحم الصينية والروسية، وسيعكر النفط السائل سواحل ولاية لويزيانا.
والعرب حيال كل هذا أجدى لهم أن يستثمروا داخل هذا الوطن العربي.

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

جريدة الغد   صحافة  جواد العناني