اقتصادا الأردن وفلسطين مرتبطان معاً، أقول هذا قبل أن يعقد يومي 2 و 3 من شهر حزيران (يونيو) المؤتمر الاقتصادي الفلسطيني الثاني في مدينة بيت لحم بالضفة الغربية المحتلة.
وقد دعي عدد كبير من المستثمرين ورجال الأعمال والاقتصاديين وصناع القرار للمشاركة مع الأهل هنالك بهدف المساهمة في الجهد الاقتصادي الذي تسعى السلطة الفلسطينية وحكومة الدكتور سلام فياض لبلورته، ووضعه موضع التنفيذ.
وقد وضعت حكومة الدكتور فياض برنامجاً تبين فيه الإجراءات والخطوات التي ستتخذها بهدف بناء الاقتصاد الفلسطيني، ومأسسته. والبرنامج يغطي فقط الخطوات الرسمية من دون التطرق إلى البرامج المتعلقة بالقطاع الخاص، ومن دون أن يكون البرنامج موزعاً على فترة زمنية محددة، ومن دون أرقام مالية مطلوبة لتحقيقه.
ولذلك، فإن المؤتمر الاقتصادي الاستثماري الثاني الذي يعقد خلال أيام يأتي دفعاً لجهود القطاع العام، وتحديداً للمساعدات والمساهمات المطلوبة من الدول والمنظمات العربية والدولية، ويحدد في نفس الوقت استعداد القطاع الخاص العربي والدولي للدخول في شراكات مع القطاع الخاص الفلسطيني، أو بالمساهمة في المشاريع القابلة للتنفيذ مع الحكومة الفلسطينية.
ولهذا، فإن الجانب الفلسطيني سيرى في نتائج هذا المؤتمر مقياساً لاستعداد العرب والأجانب للمساهمة في بناء الاقتصاد الفلسطيني الذي يشكل عماد الدولة التي يجري الإعداد لها متى حان الوقت المناسب.
وفي الوقت الذي تعلن فيه الحكومة الإسرائيلية باستمرار وإلحاح عن ضرورة اعتراف الفلسطينيين بيهودية إسرائيل، أو بإلغاء حق العودة والسعي لتهجير الفلسطينيين من منطقة الخط الأخضر إلى الضفة الغربية ، فإن الفلسطينيين يريدون تصفية اعتمادهم على إسرائيل ومنتجاتها.
ولذلك بدأت المعركة تدور بين الحكومة الفلسطينية وبين إسرائيل حول مقاطعة السلع المنتجة في المستوطنات غير الشرعية المقامة على أراضي الضفة.
وقد اتخذت الحكومة الفلسطينية عدداً من الخطوات في هذا الاتجاه أهمها إتلاف السلع المستوردة من المستوطنات ومنع التعامل معها. والخطوة الثانية المهمة كانت السعي لإيجاد فرص العمل لشباب وفتيات الضفة العاملين في المستوطنات، والذين تساهم حاجتهم للعمل في منح هذه المستوطنات مردوداً اقتصادياً على حساب الناس الذين استملكت أراضيهم وصادرت حقوقهم في المستقبل والحياة.
وبغض النظر عن الهدف السياسي الذي تسعى السلطة الفلسطينية لتحقيقه مثل حلم إنشاء الدولة المستقلة على الأراضي الفلسطينية ومدى جدوى الإعلان عنها من طرف واحد، إلاّ أنه من المآخذ على كل من يؤمن بهذا المستقبل أن يقف متفرجاً دون أن يساهم ولو بالدفع المعنوي والدعم الروحي لهذا المسعى.
وإذا نجحت الإدارة الفلسطينية في عزل نفسها عن المستوطنات، ونفذت الحكومة الإسرائيلية تهديداتها بالحصار الاقتصادي لأهلنا في الضفة، فإن هذا يعني أن على الدول العربية أن تشد من عزم الاقتصاد الفلسطيني عبر الأردن، وأن تكون الجسور بين الضفتين مفتوحة حتى يصبح الاقتصاد الفلسطيني في الضفة الغربية جزءاً من منظومة الاقتصاد العربي.
نحن مع الأهل في فلسطين إذا شاؤوا أن يتبعوا أسلوب "غاندي" في المقاومة، ويجب أن نمدهم بالعون ونفتح لهم الأبواب مشرعة حتى يحصلوا بالمقاومة السلمية على حقوقهم المشروعة.
ونحن نعلم في الأردن أن الاقتصادَينْ عبر نهر الأردن مرتبطان بكثير من العلاقات والمصالح والاستثمارات، وأن ما يجري في أي منهما يؤثر على الآخر مباشرة.. ولا شك أن التعاون بيننا فيه مصلحة استراتيجية عليا لكلينا...

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

جريدة الغد   صحافة  جواد العناني