هنالك كلفة إدارية تنطوي على عقد اتفاقات ثنائية مع الدول التي تربطنا بها علاقات وثيقة، وعندي يقين لا تنفصم عراه أن جهود القائد الأعلى منذ توليه مقاليد الأمور قد أثمرت في توقيع مائة وخمسين اتفاقية ثنائية مع دول شقيقة وصديقة، ومع دول في الجوار وأخرى تفصلها عنا بُحور سبعة.
لقد وقعنا اتفاقيات ثنائية مع دول مثل فرنسا والإمارات العربية المتحدة، وكزاخستان وأوزبكستان وقطر والكويت ومصر وسورية ولبنان والجزائر والعراق، وكذلك مع تركيا، والبرازيل، وأستونيا، وألمانيا، والصين، والهند، واليمن، وسنغافورة، وروسيا، وأذربيجان، والبحرين وعُمان.
وهذا غيض من فيض، وبالطبع وقعنا اتفاقيات مهمة مع الولايات المتحدة (اتفاقية التجارة الحرة وغيرها)، ومع الاتحاد الأوروبي.
وقد تطرقت هذه الاتفاقات الى الكثير من الموضوعات بدءاً من تشجيع الاستثمار، الى منع الازدواج الضريبي، الى تعزيز التجارة، الى التعاون في مجال الطاقة، الى تنظيم انتقال القوى العاملة، وغيرها الكثير.
وأثمرت بعض هذه الاتفاقات عن نجاحات كبيرة خاصة في مجال الطاقة، والتبادل التجاري، وتشجيع الاستثمار.
ولم تأت هذه الاتفاقات بسهولة، فقد بدأت كما في العادة بلقاءات على مستوى القمة من أجل اتخاذ القرار السياسي لتعزيز التعاون بين البلدين. وتلا ذلك زيارات فنية على مستوى وزاري أو على مستوى الأمناء العامين من أجل الوصول الى نصوص وتفاصيل متفق عليها.
وفي العادة يجري بعد ذلك تواصل بين الأطراف عبر السفراء والفنيين من أجل تسوية أي خلافات، أو إضافة أي تفاصيل لغوية.
ومن ثُمَّ يأتي بعد ذلك اجتماع قمة، أو اجتماع لجنة عليا مشتركة على مستوى رئيسي وزراء البلدين. وبعد ذلك تعرض هذه الاتفاقات على مجلس الوزراء الذي يقرها، ويوعز للأطراف المعنية بتنفيذها.
هذا الجهد السياسي الإداري الفني الكبير الذي يبذل في الإعداد لهذه الاتفاقات، والتفاوض حولها، وإعداد الترتيبات لتوقيعها، والموافقة عليها حسب الأصول القانونية المتبعة في كل بلد يستحق منا أن نسأل عن نتائجه العملية.
ما هو العمل والإجراء الذي يتخذ بشأن هذه الاتفاقات بهدف تفعيلها ووضعها موضع التنفيذ؟ هل تجرى لها متابعة؟ وإذا كان يحصل ذلك، فما هي الجهة التي تتابع وتتحرى وتقيِّم، وتقدم المقترحات بهدف التيسير والتسهيل ورفع مستوى الإنجاز؟
لا شك أن عشرات من هذه الاتفاقات التي وقعت، واحتلت المانشتات الرئيسية بالصحف، وكتبت فيها افتتاحيات وتعليقات، قد باتت الآن منسية طيّ الملفات وعبر الأدراج الحديدية أو رهينة المحبسين في مستودع مظلم في قعر سحيق ولا يسمع بها أحد.
إن المطلوب هو إعطاء هذه الملفات حقها المطلوب من العناية. ولقد عُقد قبل شهرين اجتماع للسفراء توّجه القائد الأعلى بحضوره الكريم. والسؤال: هل لدى السفارات نسخ من هذه الاتفاقات، وهل هنالك أجهزة تتابع؟
ولا يقف الأمر عند موضوع الاتفاقات، بل إن المتابعة مطلوبة في كثير من الأمور الأخرى التي لا يتسع الوقت هنا لحصرها.
لقد ابتكر العالم المتقدم الكثير من الوسائل المعلوماتية والاتصالية الحديثة التي تجعل مهمة المتابعة والتحديث سهلة مستطاعة، وكم هنالك من توجهات عظيمة طويت لأن الإدارات الحكومية لم تتابعها.
والأيام التي تفرز أحداثاً وتطورات جديدة بشكل متسارع تقصر الذاكرة، إلا إذا ابتدعنا الوسائل التي تحفظ لنا ذاكرتنا وتجدد نشاطنا في الأمور الحيوية الضرورية لأمننا الشامل ونمائنا المستدام.

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

جريدة الغد   صحافة  جواد العناني