بحسب تقديرات الموازنة لهذا العام، تبلغ قيمة الدعم الإجمالي الذي تتحمله الحكومة نحو 2.3 مليار دينار. نصف هذا الدعم (51 %) موجه للكهرباء التي يتم دعمها بنحو 1.371 مليون دينار، والنصف الآخر يتوزع على المشتقات النفطية بمبلغ 667 مليون دينار وبنسبة 29 %، والمؤسسات المستقلة بمبلغ 267 مليون دينار وبنسبة 12 %، والغذاء بمبلغ 184 مليون دينار وبنسبة 8 %.
ملاحظتنا الأولى هي عن تعميم الدعم على السكان جميعاً، من مواطنين وعددهم نحو 5 ملايين نسمة تقريباً، وغير مواطنين وعددهم نحو 1.3 مليون نسمة من الضيوف العرب والعمالة الوافدة وغيرهم؛ أي أن ما نسبته 21 % من إجمالي الدعم يذهب بغير حق إلى السكان من غير المواطنين، بسبب عدم وجود آلية للدعم تحصره بالمواطنين دون غيرهم من السكان.
الملاحظة الثانية هي أن الدعم يقدم للمواطنين بدون استثناء، بمن فيهم غير المستحقين للدعم؛ وهؤلاء وإن كانوا لا يتجاوزون 20 %، إلا أنهم بحسب تقديرات وزارة التخطيط يستحوذون على 55 % من قيمة الدعم الذي تقدمه الحكومة. وهذا ناشئ أيضاً عن عدم وجود آلية تضمن وصول الدعم إلى الفئات المستحقة دون غيرها. وإذا أضفنا نسبة غير المستحقين من المواطنين إلى نسبة غير المستحقين من السكان من غير المواطنين، نجد أن 70% من فاتورة الدعم تذهب هدراً للضيوف ولغير المستحقين، ما يعني إدارة مالية واقتصادية كارثية يجب وقفها بأي ثمن، وبأسرع وقت ممكن.
الملاحظة الثالثة هي عن دعم الكهرباء، وهو الأعلى كلفة على الخزينة، بمبلغ يناهز 1.2 مليار دينار تقريباً. وهو دعم لا نعرف قصته بالضبط. فبعد أن بيعت شركة التوليد، وكذلك شركة التوزيع، إلى "دبي كابيتال/ الأردن"، فإن شركة الكهرباء الوطنية التي تتوسط الشركتين، وهي شركة حكومية، أصبحت تتحمل على ما يبدو كامل الخسائر المحالة إليها من شركة التوليد وشركة التوزيع. وقد آن للجمهور أن يعرف تماماً هذه القصة التي تضخمت بعد انقطاع الغاز المصري الذي كان يوفر على الخزينة نحو نصف مليار دينار سنوياً.
والملاحظة الرابعة هي حول دعم المؤسسات المستقلة بقيمة 276 مليون دينار، وبنسبة 12% من إجمالي الدعم. وهنا نود أن نعرف بالضبط ما الذي تفعله المؤسسات المستقلة ولا تستطيع الوزارات القيام به. ولماذا لم تتم إعادة هيكلة هذه المؤسسات، بالإلغاء أو الدمج، للإبقاء فقط على ما هو ضروري منها، والذي قد لا يزيد بأي حال من الأحوال عن خُمس أو رُبع إجمالي عددها الحالي البالغ 66 مؤسسة؟
أما ما يتعلق بدعم المشتقات النفطية البالغ، بحسب أرقام الحكومة، 667 مليون دينار، فأنا ما أزال كباقي المواطنين أطلب من الحكومة الإفصاح عن المعادلة التي تسعّر بها المشتقات، وإبراز أي مستند يبين السعر لأي صفقة نفط تم شراؤها، وبيان لماذا تباع المحروقات اليوم بأسعار أعلى من أسعارها في الأعوام التي كانت أسعار النفط فيها أعلى مما هي عليه اليوم بـ40 دولارا (2007). وأنا أتوقع الرد من وزارة المالية إذا ما رغبت الحكومة في أن توضح الأمر، أو من الناطق الإعلامي باسم الحكومة، لأن مجلس الوزراء هو المسؤول عن التسعير، وبيده في النهاية قرار تحديد الأسعار. أما وزارة الطاقة التي اختارت أن ترد سابقا، فأنا لا أطلب منها ردا. وهي مناسبة أن أتمنى لها بقاء وزيرها الحالي أطول فترة ممكنة؛ فهو بحكم معرفتي وخبرتي القريبة، من أكفأ المسؤولين وأكثرهم جدية في العمل
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة د. عاكف الزعبي جريدة الغد