من السخرية المريرة ، تعليق مريع قرأته على تويتر ، ربما يشكل أغرب دعوة في التاريخ العربي والإسلامي وهو: يا رب انصر المشركين لتحرير العرب من حكامهم المسلمين،.

يختصر هذا الدعاء الغريب حالة ميلودرامية انتابتنا خلال اليومين الماضيين ، فنحن لا نستطيع أن نفرح بشكل كامل ، ونحن نرى "جنود التحالف" الجديد يقصفون بلدا عربيا ، بشكل يذكرنا بقصف "قوات التحالف القديم" للعراق ، في تاريخ مطابق لتاريخ هجوم التحالف القديم ، كما أننا لا نستطيع أن نحزن أيضا ، فمن شاهد مستوى الوحشية التي وصلتها قوات السفاح مخرب وليس معمر ، يتمنى أن يغلق عينيه ويفتحهما فلا يراه على سطح الأرض ، لا هو ولا كتائب الموت التي يقودها زبانيته من أولاده وأقاربه ، ومن طمس الشيطان على قلوبهم فأعماهم عما يفعلون من تقتيل بأبنائهم وإخوانهم وأهليهم،.

إنها قمة المهزلة أن نفرح بمقدم حاملات الطائرات الغربية إلى مياهنا ، لإنقاذ شعب عربي من حاكمه ، فينطلق ذلك الدعاء المريع ، من ضمير عربي مسلم ، جعلته الأحداث حيران أسفا ، على ما وصل إليه حالنا،.

سنوات طويلة مرت والرسميون العرب يتبجحون بمؤسسات العمل العربي المشترك ، ويصرفون الأموال الطائلة على قممهم ومؤتمراتهم ومنظماتهم الفاشلة ، فيما هي كلها لم تستطع أن تساوي جناح بعوضة في معركة حاسمة احتاجها شعب عربي غلب على أمره ، تظاهر سلميا من أجل كرامته ، فتصدى له حاكمه المجرم بالقذائف والطيران والدبابات ، منذ اليوم ، ليس لعربي أن يذكر أن ثمة ما يمكن أن يسمى جامعة عربية ، أو أي إطار يتبع لها ، فهذه مؤسسات ولدت في الأصل ميتة ، وأثبتت المحن المرة تلو الأخرى أنها لا تساوي شيئا ، (آخر "إبداعات" هذه الجامعة المُفرقة تصريح بالأمس ينتقد الغارات الدولية على ليبيا.. إنه مزيج من التناقض والجبن والنفاق لا يتوفر سوى تحت سقف هذه الجامعة الفاسدة المفسدة،) علما بأن المؤسسة الوحيدة التي ظلت تمارس عملها بعنفوان ورشاقة تحت ظلها ، كان مجلس وزراء الداخلية العرب ، لأن عمله متعلق بمراقبة الشعوب وقهرها ومكافحة وعيها ، وليته أفلح هو الآخر ، فقد جرى الماء من تحت أقدام هؤلاء الوزراء ، وتفجرت الثورات الرافضة لهم ، واحدة تلو أخرى والحبل على الجرار،.

النظام العربي الرسمي يتداعى والحمد لله ، فقد كان يقف سدا منيعا أمام تحرير فلسطين والعرب ، وظل على الدوام نظاما متهتكا ، كشفت الأيام أن كثيرا من أعضائه كانوا يصرفون الوقت في سرقة شعوبهم ، وتكديس الأموال وصرفها على متعهم وفجورهم ، وقمع الناس ، والتنكيل بهم ، وتجنيد المصفقين وحارقي البخور ، وصناعة أجهزة أمن مسخرة لمصادرة الحريات ، وسحق أمنيات الأحرار،،.

وبين يدي هذا الدعاء الغريب المستهجن ، نتذكر حديث رسولنا صلى الله عليه وسلم الوارد في الصحيحين - البخاري ومسلم - إن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر ، ومعنى يؤيد: ينصر ، والرجل الفاجر يشمل من كان كافرا ومن كان فاسقاً ، كما قال بعض شراح الحديث،،.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة  حلمي الأسمر   جريدة الدستور