كتبت السيدة جمانة غنيمات مقالاً في صحيفة "الغد" نشر يوم الأربعاء الماضي بعنوان" سياسة التخدير وإعداد التغيير" حذرت فيه من الاستسلام إلى الحلول البراقة السريعة لما يعانيه الأردن -حسب اجتهادها- من مأزق اقتصادي.
وطالبت غنيمات بضرورة العودة والتركيز على البحث العلمي الموجّه نحو حل المشكلات بأسلوب علمي رصين.
والواقع أنها محقّة كل الحق. وقبل أن نتهمها بأنها تقدم حلاً نظرياً قد يطول انتظاره، دعونا نسأل عن بعض القرارات التي اتخذتها حكومتنا الحالية، وعن تطورها، ثم الرجوع عنها.
وعدت الحكومة عند بداية تشكيلها بالسَّير في تنفيذ المشاريع الكبرى. وهي نفسها أقرت الموازنة العامة للعام الحالي، ثم عادت وألغت منها المشاريع الواردة فيها اختصاراً للنفقات، وليس بالضرورة ترشيداً لها. فكيف نقيِّم النتيجة الاقتصادية والاجتماعية لذلك القرار؟ وعلى أي أساس وعدنا بتنفيذ المشاريع؟ وبأية مبررات قمنا بإلغائها ونحن الذين أقررناها؟؟
أخذت الحكومة موقفاً صلباً من موضوع المعلمين الذين أضربوا. وتبدل وزير التربية والتعليم. وجاء الوزير الجديد ليتصالح مع المعلمين ويعيد بعضهم على الأقل بموافقة مجلس الوزراء كله إلى أعمالهم؟ من هم الذين عادوا وعلى أي أساس اختيروا؟ هل لأنهم الأقوى؟ أم أنهم الأكثر استحقاقاً.. المهم أن الحكومة غيرت رأيها...
وفي موضوع عمال المياومة بوزارة الزراعة، حصل اختناق، وصممت الحكومة على موقفها إلى حين، واستبدل الوزير بوزير زراعة جديد. وها هم العمال يعودون على دفعات إلى مواقع عملهم؟ لماذا أخذ القرار، وكيف درس؟ ولماذا عدنا عنه؟.
وفي موضوع إعلان بعض أحزاب المعارضة، وبخاصة حزب جبهة العمل الإسلامي، قالت الحكومة أنها لن تستجدي أحداً، وأن المعارضة حرة أن تشارك أو لا تشارك. وها هي الحوارات تجري من أجل عودة المعارضة عن قرارها، والدخول إلى الانتخابات التي ستقام يوم السابع من تشرين الثاني (نوفمبر)المقبل.
وألغت الحكومة عطاء مشروع توسعة المصفاة. وها قد مرت شهور على ذلك. فهل قدمت الحكومة أي بديل؟ وكل ما سمعناه أنَّ شركة خليجية مقيمة في الأردن لن تشارك في العطاء، وهذا جيد، لكن أين هو هذا العطاء الذي لن تشارك فيه الشركة الخليجية؟.
وهكذا نرى أن حصيلة القرارات في المجالات الاقتصادية والمالية والإدارية والاجتماعية والسياسية يشوبها في كثير من الأحيان التردد، أو التناقض، أوالغموض.
لذلك لا بد من العودة إلى مرجعية. وهنالك جهاز في الدول التي تريد تقوية قرارها ينشئ في دوائر رئاسة الوزراء مشروعاً دائماً اسمه "نظام دعم القرار" الذي يوفر قاعدة بيانات مبوبة حسب حاجات السياسة العامة، وهو مدعوم بالدراسات التي تبين النتائج والآثار وردود الفعل على القرارات المهمة من زوايا مختلفة، سواء كانت اجتماعية أم سياسية أم اقتصادية.
وقد أنشأت الحكومة السابقة (حكومة المهندس نادر الذهبي) اللجنة الاستشارية الاقتصادية والاجتماعية، وهي تصب في هذه الخانة. وإضافة إلى ذلك هنالك مركز السياسات التابع لمدينة الحسن العلمية. هذا عدا عن دوائر البحث في الجامعات والبنك المركزي ودور الاستشارات في القطاع الخاص.
البحث الهادف يوفر علينا الكثير من القرارات السريعة التي يبقى أثرها السلبي لفترات طويلة، ولرب قرار مدروس -وإن تأخر قليلاً- أفضل بكثير من قرار سريع لا يرقى إلى المستوى المطلوب. 

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

جريدة الغد   صحافة  جواد العناني