هنالك تحليلات كثيرة عن أسباب فوز المنتخب الأردني (النشامى) وإنجازهم المبهر أمام فرق قوية؛ كاليابان والمملكة العربية السعودية والجمهورية العربية السورية، ولكن التحليلات لها أسباب متقاربة يمكن تلخيصها في عدد من المفردات؛ أهمها المدرب والخطة، التقيد بالخطة، رباطة الجأش، الانضباط والسلوك، روح الفريق، الروح القتالية والتصميم على الفوز، وهذه كلها ألفاظ مهمة، ومفردات ذات دلالات قوية.
وما ينطبق على فريق كرة القدم يمكن نقله الى المطلوب إنجازه اقتصادياً، وفي تقديري الخاص، وبمفرداتي، فإن أسباب الفوز للفريق الأردني هي أولاً أن الوساطة والمحاباة غائبتان عن اختيار أعضاء الفريق، وهنالك مقاييس معيارية لاختيار كل عضو تطبق بدقة ومرونة.
والأمر الثاني هو أن المدرب الكفؤ الذي يضع خطة للفوز مع بدائل تعطى للفريق عند حصول مفاجآت أو تغييرات غير متوقعة، ولذلك، فإن وجود خطة واضحة يصبح أمراً ضرورياً، وتوفير بدائل عند الضرورة يستوعبها كل لاعب هو الآخر أمر لا مفَّر منه.
أما الأمر الثالث، فهو خلق التناغم والتفاهم بين أعضاء الفريق الواحد، بحيث يؤدي كل دوره بحرص وإتقان، ويعلم تماماً أن إنجازه لهذا الدور مهم جداً لعلمه الأكيد أن قوة أي سلسلة تعتمد على أضعف نقطة فيها، ولا يريد أحد لنفسه أن يكون الحلقة الأضعف.
والأمر الرابع هو ضرورة تطبيق قاعدة الشجاعة ورباطة الجأش عند حصول المفاجآت أو الطوارئ غير المتوقعة.
إن انهيار المعنويات وفقدان الأعصاب يخلقان حالة من التوتر، وهذا بدوره يؤدي الى تشتيت الطاقة وبعثرتها، فيقل الإنجاز، وتضيع الفرص.
هذا المنطق يمكن نقله للخروج من حالة الأزمة، فالأمر الأول المطلوب هو حسن اختيار الفريق على أساس الكفاءة والمقدرة، والحكمة والتجربة.
فهذا زمان صعب لا يجوز فيه المخاطرة بمصالح الناس باختيار أشخاص يقدرون على تسيير الأمور أيام الصيف وسطوع الشمس، بل نريد أولئك أصحاب البصيرة القادرين على قيادة عربة الاقتصاد عندما تكون الرؤية صعبة، والمفاجآت كثيرة.
ولا يكفي حسن اختيار الفريق القوي بكل عضو فيه، بل يجب أن يكون على رأس هؤلاء مدرب يضع الخطط، ويستطيع وضع آلية لتنفيذها ميدانياً، ويزرع بين أعضاء الفريق الواحد الفهم المشترك لما يجب عمله، ويضمن العمل المتناسق الذي يضيف قوة على قوة.
وبعد ذلك، يجب أن يتكون لدى الفريق رصيد من الثقة المعنوية التي تدفعه للعمل، وعلى هذا الفريق أن يسعى لكسب ثقة القيادة أو رئيس الدولة كي يعرفوا أنهم مدعومون وأن سياسة الدولة العليا تشد على أيديهم، وعليهم أيضاً أن يحصلوا على ثقة الناس وتفهمهم.
ويجب بعد ذلك أن يعطي الفريق فترة كافية لكي يضع أفكاره موضع التنفيذ، ويحصل على نتائج إيجابية. ومتى حصل عليها، ناله من التأييد والدعم ما يحمله على مزيد من الإنجاز.
فهم القضايا الاقتصادية ووضع الحلول المناسبة لها في الأردن أمران ممكنان، والمشكلة قابلة للحل، ولكن المناخ الآن، ومن دون وضع اللوم على أحد، لم يعد قابلاً للفوز فيه بالفريق الحالي، وإن كنت أعتقد أن بعض أعضائه ممتازون وقادرون.
ولو تغير الفريق والمناخ، بحيث يُختار الأفضل لهذه المهة، فإنني واثق أن نفوس الناس سوف ترتاح.
الناس يريدون الاطمئنان، ولكن هذا لا يأتي إلا إذا اطمأن الناس أن الذين يعملون تحت القيادة قادرون على التخطيط والتنفيذ ومتابعة العمل بنجاح أفضل.
أقول هذا وليس في بالي أناس معينون أروج لهم، ولا أناس أكتب ضدهم. ولكن المصلحة العليا تقتضي مني أن أكتب ما كتبت. وحيا الله النشامى في كل الميادين.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
جريدة الغد صحافة جواد العناني