لا يجوز لنا أن نقبل من أهلنا وجيراننا في دول الخليج ما نراه لديهم من وفورات وقرارات مالية، ويتركوننا هكذا معلقين حائرين نبحث عن مخرج قد لا تزيد كلفته على (2 – 3) بلايين دولار، وهم ينفقون المئات من هذه البلايين.
لقد قام خادم الحرمين الشريفين بزيادة الإنفاق بعد وصوله سالماً من عمليته الجراحية ما قدره 37 بليون دولار، وخصص مبالغ إضافية بحوالي 90 بليون دولار يوم الجمعة الماضي، لزيادة الرواتب وتعويض العاطلين عن العمل، وبناء مساكن جديدة، وبهذا يكون الإنفاق الإضافي إذا قبلنا أن القرار الأول والقرار الثاني منفصلان 127 بليون دولار. أما إذا دمج القراران فهذا يعني أن الحد الأدنى بلغ 90 بليونا، وأن الحد الأقصى سيكون مجموع الرقمين.
إن إدارة وتوزيع هذه المبالغ قد تتعرض لخطأ مئوي ربما يصل 1 – 2 %، وهو ما يساوي بليونا الى بليوني دولار تقريباً، فلماذا لا يمنح الأردن هذا المبلغ ليخرج من محنته الخانقة في هذه الظروف الاقتصادية والسياسية والأمنية الصعبة.
لقد دفعت دول الخليج أكثر من عشرين بليون دولار لمساعدة سلطنة عمان ومملكة البحرين لمواجهة الاحتجاجات التي اندلعت في البحرين خصوصاً. ونحن بالطبع نتفهم أن هاتين الدولتين الشقيقتين والعزيزتين علينا في الأردن لهما خصوصية خليجية لا تتوفر للأردن، ولكن منح الأردن مبلغ 2 بليون دولار أو أكثر سيكون ضمن نفس السياق والمبررات التي منحت لهاتين الدولتين الشقيقتين.
فالأردن الذي يفصل دول الخليج عن إسرائيل يتعرض في هذه الظروف الدقيقة، الى مخططات إسرائيلية تتمنى إسرائيل في غفلة من الزمن أن تصفي فيها كل احتمالات السلام، أو أن تحول الأردن الى ساحة قتال تستهدف منها إسرائيل لتهجير آلاف الفلسطينيين بهدف خلق وطن بديل، والكل يعلم أن الوطن البديل يعني أن إسرائيل ستصبح على حدود المملكة العربية السعودية ومن ثم دول الخليج. ولتفويت هذه الفرصة، فالأردن بحاجة الى دعم مادي، كما حصل سابقاً العام 1979.
وكذلك قامت بعض دول الخليج بالإعلان عن استعدادها للمشاركة في الجهود الدولية، لتنفيذ قرار مجلس الأمن الصادر بحق ليبيا، وسوف تشارك على الأقل دولتا الإمارات العربية المتحدة وقطر في الجند أو العتاد أو التمويل المطلوب لتنفيذ قرار الأمم المتحدة.
بنفس المنطق يجب الحفاظ على الأردن، لأن الأردن الذي أبدى درجة عالية من التحفظ وضبط النفس والتفهم للمظاهرات والاعتصامات المطالبة بالإصلاح، يجب أن يمنح مساعدات لدعم الإصلاح بالطرق الحضارية الانسانية، على أساس أن المشاركة في العمليات ضد ليبيا قد أقرت بسبب أن ليبيا قمعت المظاهرات وخالفت القواعد المنصوص عليها في إعلان حقوق الإنسان في التعامل مع المطالبين بالاصلاح، عكس ما فعلته الأردن تماماً.
الأردن له علاقات متينة مع دول الخليج، ولا يجوز أن يقف الإخوة يتفرجون عليه، وهو يتمتع بكل الأسباب والموجبات والمبررات لجعله حالة خاصة تستحق منهم أن يعطوه المال. والأردن سيبقى دائماً رصيداً فاعلاً وإيجابياً لدول الخليج بإمكاناته، ونظامه السياسي، وطاقات أهله، وسيبقى الجار العربي الذي يعزز أمنُه وأمانه أمن الخليج وازدهاره.
وأقول هذا وأنا واثق أن الأشقاء في المملكة العربية السعودية، وفي باقي دول الخليج يفكرون جدياً بإمداد الاقتصاد الأردني بالمال لما يعانيه من عجز مزمن في الموازنة، وارتفاع في الأسعار، وتفاقم في مشكلة البطالة والفقر، ونقص في المياه والطاقة.

المراجع

alghad.com

التصانيف

جريدةالغد   صحافة   العلوم الاجتماعية