على المستوى الشعبي الخليجي، ربما هنالك من يتذكر موقف بعض الأردنيين من احتلال الكويت، ويقول كيف نقبل بالأردن عضواً في مجلس التعاون وقد حصل منه ما حصل.
ولست هنا في معرض إعادة تفسير التاريخ، ولا فتح أبوابه، ولكن هذا النوع من التفكير ليس له زمان أو مكان في علم السياسة والمصالح الاستراتيجية.
ولكن إهمال المصالح الاستراتيجية هو من صنع الذين لا يعلمون، ولنا في الوقت الحالي ولدول مجلس التعاون مصالح استراتيجية مشتركة.
وانضمام الأردن، وفق خطة مدروسة، الى دول مجلس التعاون، فيه فوائد للطرفين، وفيه أيضاً تحديات ومشاكل.
وسيكون منتفعون ومتضررون في المدى القصير، ولكن المحصلة إيجابية.
ولذلك، فإن كل ما يقال عن التحديات يبقى رهناً بأسلوب التفاوض وروحه ورغبة الطرفين في الوصول الى نتائج فيها نفع لكليهما.
ولم يصل زعماء دول الخليج في اجتماعهم التشاوري الذي عقد في الرياض الأسبوع الماضي الى الترحيب بطلب الأردن للانضمام الى مجموعة دول مجلس التعاون إلا بعد أشهر من التفكير، والتشاور الداخلي.
ولقد أبدى الأردن رغبته في الانضمام منذ سنوات. وهكذا هي الحال.
وأعترف أنني من المتحمسين لهذا الأمر. فالأردن كان وما يزال حلقة وصل بين فلسطين وبلاد الشام من ناحية، والخليج من ناحية أخرى. فللأردن حدود مع فلسطين، ولكن فلسطين التي وقعت تحت الاحتلال ورغب زعماؤها في الانفصال تبحث الآن عن دولتها المستقلة، ولعلهم محققون ذلك بإذن الله.
والأردن على حدود سورية والعراق ولم يكن من المنظومة الاشتراكية.
وبفعل الأحداث في البلدين، فإن الأردن يسعى لتحقيق التوازن في العلاقة معهما.
وقد جرب الأردن الوحدة مع العراق العام (1958)، فحصل انقلاب في العراق وأد تلك الوحدة.
وجرب الدخول في منظومة دول مجلس التعاون العربي بعد إنشاء مجموعة مجلس التعاون الخليجي، إلا أن احتلال الكويت قضى على تلك التجربة، بعد تباين مواقف أعضاء المجلس من هذا الحدث الجلل.
ولم يبق من المنظومات العربية سوى مجلس التعاون الخليجي الذي صمد أمام التحديات كلها. ومن هنا، وفي ظل التغير الكبير في الظروف الدولية والإقليمية، وما يمكن أن تسفر عنه الأمور لاحقاً، فإن انضمام الأردن خاصة له مبرراته.
ولا يأتي دخول الأردن من باب التنافس مع مصر أو اليمن أو لبنان، ولكنه يأتي من الخصوصية الأردنية، التي أثبتت عبر التاريخ أن الأردن شريك معتمد لدول الخليج ومساهم في أمنها وسلامتها. وكذلك، فإن دول الخليج تستفيد من الأردن ومزاياه النسبية في كثير من النواحي المعروفة.
وداخل كل دولة مخاوف ومحاذير، وتطلعات وأشواق قد تملي على سياستها اتخاذ مواقف حذرة حيال هذا التطور المهم والمفصلي.
ويجب على الدبلوماسية الأردنية تفهم ذلك، والسعي في الوقت نفسه لتغييره نحو الأفضل. وكل شيء في نهاية الأمر خاضع للتفاوض. وبالجد وحسن التوجه، سوف يجد الجميع حلولاً خلاقة لهذه القضية.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة جواد العناني جريدة الغد