وزير الصناعة والتجارة د.هاني الملقي يصرح بأن الإشاعات حول تخفيض ضريبة المبيعات على السلع الرمضانية غير صحيحة، وأنه لا نية للحكومة بتخفيض الرسوم حالياً أو في رمضان، أو في أي وقت منظور. والسبب هو أن وضع العجز في الموازنة العامة لا يسمح بذلك.
ووزير البلديات المجتهد ودائب الحركة د. حازم قشوع يقول إن قانون البلديات الجديد سوف يعيد مخصصات البلديات من عوائد المحروقات والبالغة ستة في المائة (6 %)، وهو يرى في هذا الأمر تعزيزاً لموازنات البلديات والقرى، والتي تنوء بأعباء كبيرة.
وكلا التصريحين يكشف حالة من التباين حول أفضل الأساليب للتعامل مع الموازنة. فهنالك تصريح يرى أن تخفيض ضريبة المبيعات في شهر رمضان غير مبرر رغم ما قد ينطوي عليه من رضا الناس. وتصريح آخر يرى أن تخصيص جزء من عوائد الخزينة لصالح البلديات مبرر رغم كل الدعوات التي تطلق بضرورة تحويل كل العوائد الرسمية الى خزينة الدولة.
وكلا الوزيرين مُحق. واختلاف الموقف لا يعني أن واحداً على صواب، وآخر على خطأ. بل قد يعني أن الاثنين محقان فيما ذهبا إليه من موقف، وقد تقوم الحكومة بقبول آراء كلا الوزيرين معاً في الوقت نفسه.
وهنالك مواقف كثيرة من هذا النوع، ومن أطرفها أن وزير الصحة قد يرغب في رفع الرسوم على السجائر الى حد يصبح التدخين فيه باهظ الكلفة ليثني الناس عن هذه العادة القبيحة والضارة. ولكن قد يرغب وزير المالية في رفع الرسوم إلى حد تزيد معه عوائد الخزينة.
وأحياناً نقول إن الجامعات لم تشهد موازناتها خيراً منذ أن قررت إحدى الحكومات عدم دفع رسوم الجامعات إليها، بل تحويلها إلى الخزينة، ثم تقوم الخزينة بعد ذلك بتخصيص مبلغ الى الجامعات. الذين دافعوا عن هذا القرار قالوا إن كل الأموال يجب أن تذهب الى الخزينة، ومن ثمَّ تقوم الحكومة ومجلس النواب بالتوافق على توزيع النفقات. أما الذين يعارضون القرار فقد رأوا أنه أثر على وضع الجامعات المالي لأن الحكومة أنقصت مخصصات الجامعات، وأنها دفعت الجامعات لتبني أساليب تجارية لتعزيز إيراداتها.
ومن هنا، فإن الإصلاح الاقتصادي المنشود عبر الموازنة يأتي عن طريقين؛ الأول هو الإصلاح الضريبي، والثاني هو إصلاح الإنفاق. فقبل أن نحول للبلديات عوائد محروقات، يجب أن نعلم على ماذا تنفق البلديات أموالها، ولماذا هذا التردّي في موازناتها. هل السبب هو المبالغة في التعيينات والتقصير في تحصيل العائدات؟ ويجب أن نسأل عن أوضاع التلفزيون وعدم الرضا العام عن أدائه، وهذا التردي في أجهزته وآلياته. هل السبب هو نقص المخصصات أم المبالغة في أبواب الإنفاق الأخرى؟.
نريد إصلاحاً شاملاً للمؤسسات عبر بوابة المال. ولأن الكل يريد مخصصات، فلا بد للكل أن يسمع النصيحة السديدة ويلتزم بها خاصة إذا أتت ممن يدفع المال.
وهنالك مبررات ضرورية لتوزيع عوائد التنمية وفق أولويات مدروسة. ولكن البحث عنها من خلال الحصول على رضا الناس من دون مواجهتهم بضرورة حل المشكلات ولو لم يعجبهم ذلك، سيؤدي الى مشاكل كبرى في المستقبل لا سمح الله.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة جواد العناني جريدة الغد