لا شك أن في الأوضاع الحالية، والتي يمكن تسميتها بجدارة ظروفاً انتقالية. حالة من فقدان الجاذبية. والأمور تبدو غير واضحة المعالم، أو كما يقول الكلاشيه المعهود "ضبابية".
فالأردن المتوقع أن يكون عضواً في مجلس التعاون الخليجي. وهو أمر واضح الفوائد، ولكن البعض لا يتكلم إلا في المحاذير والكلف. وينسى بعض هؤلاء مثلاً المخاطر والمحاذير الخارجية التي تحيط بالأردن.
فالوضع في دمشق هادئ، ولكن في سورية غير مستقر، وإن كان هنالك قناعة لدى المسؤولين أن الظروف تخدمهم وتسير لصالحهم، بعد الإتفاق التركي الإيراني، وبعد مقتل عدد من الجنود الأتراك على يد عناصر من حزب العمال الكردستاني، ورغم تصريحات "جون ماكين" السيناتور الأميركي التي لا تستبعد عملاً عسكرياً ضد سورية، إلا أن هنالك معارضة قوية لهذا الأمر داخل الولايات المتحدة، ومن دول كبرى أخرى. ولكن تقلب الأوضاع هنالك، يبقي الأمور على حدود الأردن الشمالية موضع اهتمام ومتابعة حتى تتضح الأمور بأي اتجاه تسير. 
وأما في العراق، فإن الظروف فيها بعد خروج القوات الأميركية لن تصبح أقل غموضاً، بل ربما تسير باتجاه مفيد لإيران ولربما لروسيا التي تسعى لتتحالف مع الصين. وهكذا تبقى حدودنا مع العراق موضع تساؤل حتى تعود الأمور ثانية إلى قدر معقول من الاستقرار، حيث لنا مع العراق علاقات استراتيجية.
أما بالنسبة للضفة الغربية، فإن مسعى السلطة هنالك الى الحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة هو مسعى نبيل ويستحق الدعم  والتشجيع. ولكن ماذا ستكون النتيجة لو- لا سمح الله- فشل هذا المسعى؟ وسيجد الأردن نفسه يتعامل مع القضية الجوهرية هنالك في ظروف أقل ما يقال فيها أنها مفتوحة على احتمالات كثيرة. 
وكذلك، فإن استمرار حكومة نتنياهو في إسرائيل لا يمنح الأردن مصدراً للراحة في ظل النوايا الظاهرية غير السلمية التي يعرضها بعض المسؤولين الأمنيين والعسكريين هنالك.
إذا، فالمجال الأرحب لنا في ظل هذا الواقع الجيوسياسي هو أن ندعم علاقتنا بالأشقاء في دول الخليج. وهم أيضاً ليسوا في وضع أكثر منا وضوحاً. فإيران ما تزال تحتل الجزر الثلاث في الخليج العربي وبَنَتْ فوقها قواعد عسكرية.
والوضع في اليمن ينتقل من حالة قلق إلى التي بعدها دون أن ترجح كفة جهة على الأخرى. وتبقى الأمور بين كَرٍّ وفَرّ، وتداول بين أنصار علي عبدالله صالح والمعارضة. وتشكل الانقسامات والأحداث في اليمن تحدياً لأشقائنا في الخليج.
وكذلك، لا ننسى ما جرى من اضطرابات في البحرين والقطيف وسلطنة عُمان، وكلها تحت السيطرة الآن، ولكنها بركان خامل، قد تسعى قوة خارجية لتثويره.
إذا فنحن أمنياً بحاجة إلى الخليج، وهو بحاجة لنا. والكلفة الاقتصادية للأردن تبقى قليلة جداً إذا ما قورنت بفوائد خلق جبهة متماسكة أمام الامتدادات التي تهدد أمن المنطقة.
والمطلوب الآن منا استراتيجية واضحة حيال ما يجري فالأمور ليست محصورة في تعقيداتها على الإصلاح السياسي والاقتصادي داخل البلد، وإنما بشكل أكثر تعقيداً على حدوده.

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة   جواد العناني  جريدة الغد