هنالك شواهد كثيرة تفتح الباب على احتمالات إعداد ملحق لمشروع الموازنة للعام 2012، والذي يجري النقاش فيه حالياً داخل اللجنة المالية لمجلس النواب.
وأول شواهد ملحق الموازنة هو قرار قمة دول مجلس التعاون، التي خصصت للأردن والمغرب (5) مليارات دولار كمساعدات تنموية. وإذا أقر البدء بالإنفاق على هذه المشاريع خلال العام المالي المقبل، فإن ملحق الموازنة سيصبح مطلوباً.
وثانيها، أن الحكومة قررت تخفيض الدعم بمقدار 275 مليون دينار، وهو قرار، قصدت منه، كما صرح وزير المالية الدكتور أمية طوقان، إزالة التشوهات في الأسعار. ولو قبلنا هذه الحجة، فإن المطلوب لتحقيق هذه الغاية يفوق ما اشتملته الموازنة من إجراءات.
ولكن، هل ستستطيع الحكومة أن ترفع الأسعار، أم أنها ستجد نفسها أمام تحدٍّ صريح من مجلس النواب يجعل موافقته على مشروع قانون الموازنة مشروطة بالتزام الحكومة بعدم رفع الأسعار، حتى ولو لإزالة التشوهات؟
ولو قبل مجلس النواب أن تقوم الحكومة بتقديم خطة واضحة لا لبس فيها حول تخصيص الدعم لمستحقيه مستثنية منه أصحاب الدخول العالية من الأردنيين، وجميع المقيمين من غير الأردنيين، فإن ذلك لن يتم قبل مرور عدة أشهر، وحينها ستكون استحقت دفعات على الحكومة غير مخصصة لها أموال؟ فهل ستقوم الحكومة إذن بوضع ملحق موازنة على إنفاق قد تمَّ قبل وضع هذا الملحق مخالفة بذلك القانون؟
وثالثها احتمالية عدم وصول الإيرادات المحلية الى المستوى الذي تبتغيه الموازنة، والتي تحدد أنها سوف تزداد بنسبة 12.6 % على أرقام إعادة التقدير للعام (2011).
وإذا افترضنا أن النمو بالأرقام الجارية والمتوقع في الناتج المحلي الإجمالي سوف يصل إلى 8.5 %، فكيف ستزيد الإيرادات المحلية 12.5 %. فالزيادة في ضريبة المبيعات ستزداد بنسبة زيادة الاستهلاك وهو في حدود 8.5 % أيضاً، وأما الضرائب الأخرى؛ كالدخل والأرباح والمسقفات، فهي ثابتة. فمن أين ستأتي الزيادة؟ وإذا نقصت الإيرادات المحلية عن المتوقع كما حصل العام 2011، فهذا يعني أن العجز سيكون أكبر من المتوقع، وذلك لأن الإنفاق نفسه سيكون أكبر من المتوقع.
وإذن، فالموازنة رغم جهودها لأن تبدي تقيداً بالأصول المالية، إلا أنها ليست كذلك. والزيادة في النفقات الجارية في بعض البنود لا تعكس حالة التقشف المطلوبة في الإنفاق الجاري.
والموازنة ليست تنموية إلا إذا زيدت النفقات الرأسمالية كثيراً، ووجهت من أجل مكافحة البطالة وخلق فرص العمل، خصوصا للأسر الأقل حظاً. وليست هنالك إجراءات واضحة تسير بذلك الاتجاه.
لقد كنا نتمنى أن نرى موازنة أكثر حزماً في الإنفاق الجاري. وحتى لو قامت الحكومة برفع أسعار بعض المشتقات النفطية، وزيادة ضرائب الإنتاج على الفوسفات والبوتاس، وإعادة النظر في ضريبة الدخل على الأفراد، وخصصت كل هذه الأموال لخلق فرص عمل منتجة في الأقاليم.
وأما إزالة التشوهات، فيبدو أنها كلمة أثيرة عند وزير المالية، والذي استخدمها أيضاً في معرض حديثه عن إعادة هيكلة المؤسسات والرواتب. وقد جلبت له هذه التصريحات شعبية لدى بعض الأوساط، ولكن نريد أن نحسب كلفة التخلص من شبهة التشوهات في الأسعار والأجور، وهل ستؤدي هذه الإجراءات المتخذة الى إزالة التشوه أم الى تعميقه من جوانب أخرى؟
لا أحد ينكر صعوبة وضع موازنة للعام (2012)، ولكن كنا ننتظر مشروعاً أفضل...

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة   جواد العناني  جريدة الغد