لن يسميَ احد في الغرب قتل المستوطن الاسرائيلي للمواطنين العرب في الجليل بالعمل الارهابي. وستصنّف هذه الجريمة عملية فردية. ومن غير المستبعد ان اسرائيل كانت ستدخل القاتل مصحا بعد اعتباره مختلا عقليا لو لم تقتله الحشود التي انتقمت لضحاياها.
ولن يصفَ احد العملية بانها ارهاب يهودي. من يفعل ذلك تحرقه سياسيا واقتصاديا واجتماعيا الماكينة الاسرائيلية . فالتعميم لا يكون الا في حالة المسلمين. فاذا فجّر شخص متطرف نفسه في اعمال يدينها الاسلام والمسلمين حُمّل الدين مسؤولية عمله. والقنبلة الذرية لا تحمل اسم دين الدولة التي صنعتها الا اذا كانت مسلمة. فلم يتحدث احد عن قنبلة نووية يهودية رغم إمتلاك اسرائيل لمئات القنابل الذرية. اما قنبلة باكستان فسميت اسلامية حال الانتهاء من تصنيعها .
تحميل الديانة اليهودية مسؤولية فعل الارهابي الاسرائيلي خطأ جسيم لا يقل عن خطأ تحميل الاسلام تبعات تصرفات قلة لا تمثله. فمثل هذه التوصيفات لا تصب الا في تغذية صراع حضارات واديان لن يستفيد منه شعب او دين او دولة .
لكن الفاحشة هي ان تبقى اسرائيل فوق القانون وفوق المحاسبة السياسية والاخلاقية. فما تمارسه اسرائيل ضد الشعب الفلسطيني ارهاب دولة . والتطرف السياسي الاسرائيلي المبني على عنصرية شرسة والغاء للآخر بنى الارضية التي حمت غلاة المستوطنين الذين يرفضون حق الفلسطينيين في الحياة, وسمحت للمتطرفين اليهود بالانتشار مثل الوباء في المجتمع الاسرائيلي. والظلم التاريخي الذي تمارسه اسرائيل في المنطقة هو المسؤول الى درجة كبيرة عن حالة اليأس التي سمحت باختراق الفكر الاقصائي لثقافة شرائح عدة في العالم العربي .
يستطيع العالم ان يستمر في غض الطرف عن الارهاب الذي تمارسه اسرائيل . بيد ان ذلك لن يخدم احدا, بما فيهم اسرائيل . فالمجتمع الذي يعتمد التطرف سياسة دولة ويسترضي غلاته مجتمع آيل الى فشل وانفجار لا محالة .
تزامنت العملية الإرهابية ضد عرب الجليل مع عودة ايمن الظواهري الرجل الثاني في القاعدة للظهور على الملأ في مصادفة يجب ان تدفع العالم للتيقن بأن الإرهاب ليس حكراً على دين أو شعب, وأن ضحاياه هم الأبرياء في جميع الأحوال. ولا يجب أن تميز الحرب العالمية ضد الإرهاب بين ضحاياه ومرتكبيه على أساس الدين أو الدولة. والأكيد أن هذه الحرب لن تنجح في وأد التطرف في المنطقة إلا اذا انهت ما يعاني منه الفلسطينيون من إرهاب دولة لا يقل في خطورة تداعياته أو لا انسانيته عن ارهاب الافراد او الجماعات.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة ايمن الصفدي جريدة الغد