حتى ساعة كتابة هذا المقال، كان عدد المصابين في اشتباكات ميدان التحرير من المتظاهرين وقوات الأمن قد ارتفع إلى 201 مصاب، وكانت الاشتباكات والاحتقانات لم تزل مستمرة، وربما تستمر أكثر، وربما تهدأ، لكن المؤشرات تقول أنها من الممكن أن تمتد حتى يوم الجمعة، وهو يوم يشكل مناسبة سانحة لإشعال الجو، وجعلها فعالية ساخنة، خاصة وأن الجو مهيأ تماما لهذا...

لا يشغلنا هنا تتبع الحدث وما يمكن أن يؤول إليه، فهو مرشح للتطور، ولكن ما لفت نظري جملة مفاصل يبعث بعضها على الاطمئنان، والبعض الآخر يثير القلق على مستقبل ثورة مصر، كونها أم الثورات العربية، وسلامة «صحتها» يؤثر على صحة بقية ثورات العرب، المشتعلة والساكنة

تابعت مجريات الأحداث في الميدان، وشعرت أن ثمة أيادي خفية تلعب بالمشهد، وهذا ما ذهب إليه غير مسؤول مصري، ومنهم عصام شرف رئيس الوزراء، الذي خرج صباح الأمس على المصريين ليحذر من أعداء الثورة، باعتبار أن هناك شيئا منظما لإفشاء الفوضى في الشارع المصري وقال أن أصحاب الثورة الحقيقيين الآن على المحك ولابد من المحافظة على الثورة، وفي الأثناء يؤكد شهود عيان أن مؤيدي الرئيس السابق حسني مبارك هم من أشعلوا فتيل الأزمة التي نشبت ابتداء بمسرح البالون، ثم توجهوا عقب ذلك إلى مبنى اتحاد الإذاعة والتليفزيون بماسبيرو، لإثارة المعتصمين واصطحابهم إلى مبنى وزارة الداخلية بوسط القاهرة لمحاولة اقتحامه ، ودس نار الفتنة بين الشعب والشرطة مرة أخرى

ما يؤكد أن هناك مندسين فعلا، ما قاله مدير مسرح البالون ومسؤول الأمن بالمسرح، خلال التحقيقات التي أجرتها الشرطة، حيث قالا أن جمعية الوعد الأمين الخيرية كانت تقيم حفلا مساء بالمسرح لتكريم 10 من أسر شهداء الثورة، وأثناء الحفل فوجئوا بحوالي 150 شخصا لا يحملون دعوات بمحاولة دخول الحفل، وعند منعهم قاموا بإحداث حالة من الشغب والفوضى، حيث قاموا بتهشيم زجاج المسرح وسرقة بعض الآلات الموسيقية، ومن ثم اشتعل الميدان، ونجح المندسون في إذكاء نار الفتنة، فعادت «حليمة» الشرطة إلى عادتها القديمة، واشتبكت مع المتظاهرين وحصل ما حصل

كل ما تقدم يؤكد أن ثمة من يريد سرقة الثورة أو تخريبها، وبغض النظر عن هذا الأمر، فإن ما أعجبني نداءات الشباب التي تركزت على شيء مهم وهو: أننا لن نسمح بعودة القمع الشرطي إلى الظهور مرة أخرى، ومن هنا جرى حشد الجماهير للانتصار للشباب، صحيح ان الأمر بدأ بفتنة، وربما تتطور إلى ما هو اكبر من ذلك وأكثر خطرا، لكن الذي يبعث على الاطمئنان أن هناك حراسا للثورة متيقظين للدفاع عنها، ووضع حد لأي تصرف مشين من قبل الشرطة، وهو نموذج يُحتذى، إذ على الشعب الثائر أن يعلم من يقمعه أن الدنيا تغير، وأن زمن القمع ولى إلى غير رجعة، وإنْ تم هذا القمع، فليعرف القامعون أن عليهم أن يدفعوا ثمنا باهظا لخروجهم عن النص


المراجع

addustour.com

التصانيف

صحافة  حلمي الأسمر   جريدة الدستور   العلوم الاجتماعية