ويحدثونك عن الفساد والرشاوى وغض الطرف عن الأخطاء، فتقول: إن البلد لم تزل بخير، وقطار التصحيح والتنظيف والإصلاح ماض إلى غايته، وفي الأثناء لم يزل المتنفذون وأصحاب الأيدي «الطايلة» حسب التعبير الدارج، يمارسون فسادهم ولفلفاتهم ونفوذهم مع أصحاب النفوذ، فيتواطؤون معهم ويسايرونهم على حساب المواطنين
خبر صغير قرأته صباحا، فتح جرحا لم يندمل، ويباغتني كل صباح حينما أفتح عيني مستيقظا، فأرى الشقوق التي تتسع أكثر فأكثر، وأرى الشقوق الجديدة وهي تتكاثر، والأبواب التي ترفض ان تنغلق، لأن السقف يقترب من الأرض، وبلاط الحمّام وهو ينبعج لفرط التحركات في البناء | |
يقول الخبر أن 15 عائلة تسكن في عمارة في منطقة مرج الحمام جنوبي غرب عمان أخليت، اثر مخاوف من انهيارها، بناء على نصيحة ومتابعة من متصرف لواء وادي السير ومدير مركز أمن مرج الحمام وكوادر أمانة عمان الكبرى ومديرية الدفاع المدني، هؤلاء أو بالأحرى ممثلون عنهم جاءونا إلى العمارة التي أسكنها، وقالوا كلاما مقلقا جدا، وأثاروا قلقي وقلق 16 أسرة تسكن في بيوت متشققة، ويزداد تشققها كل يوم، وفي اللحظة التي يشاهد أي منهم الشقوق يصاب بالذعر، ويتنبأ بالأسوأ، ثم ما يلبث صاحب شركة الإسكان التي نفذت البناء أن يتحرك، ويحرك أصحابه من المتنفذين، فيتغير الكلام، وتصبح التشققات غير ذات بال، ولا خطر منها، بل إنني وبعض أهل العمارة زرنا الحاكم الإداري، وقدمنا شكوى رسمية، وألزم الحاكم صاحب الشركة بإصلاح الخراب والتشقق، وأبلغ المركز الأمني بذلك، إلا أن شيئا لم يتم على الأرض، يعني حتى الإصلاحات السخيفة أفلت منها المتنفذ، ولم نعد نسمع صوت الحاكم الإداري المحترم، بل ذهبنا إلى نقابة المهندسين، وجاء «الخبراء» إلى العمارة، وخرجوا علينا بتقرير إنشائي لا يسمن ولا يغني من جوع، ولا مغزى حقيقيا له، وحينما حزمنا أمرنا لرفع دعوى قضائية ضد منفذ البناء، بعد أن يئسنا من الجميع، تقاعس السكان ربما لعظم المبلغ المالي اللازم للقضية، يعني بالاختصار، نحن ننتظر أن تنهار على رؤوسنا العمارة ذات يوم فجأة، لأن صاحب البناء الأول يتحرك بخفة في مكاتب المسؤولين، فيُسكت هذا، ويُبسط ذاك، ويجعل الثالث بلا عينين أو أذنين، أو حتى لسان... |
ويحدثونك عن الفساد | |
ويحدثونك عن الواسطة، وفلان اللي ما بتقدروا عليه، وعلان الذي يستطيع أن يفعل كل شيء واي شيء بماله ونفوذه، وعلنتان الذي يقلب الأبيض أسود، والكحلي بنفسجيا، بما يستطيع من ألاعيب وقدرات، لوضع أكبر مسؤول في جيبه الصغيرة |
إني أتهم، بملء الفم، كل من تواطأ وتآمر لإغلاق ملف (أو إدخاله في سبات عميق) ملف لا يمكن إغلاقه، إلا حين ينهار البناء على رؤوس 16 أسرة، وحينها لا يقولن أحد أنني لم أحذر من كارثة قد تقع في أي وقت | |
المراجع
addustour.com
التصانيف
صحافة حلمي الأسمر جريدة الدستور العلوم الاجتماعية
|