هي عند البعض عنزة ولو طارت. وستظل. فللامنطق ديناميكيته وقوى دفعه الذاتي.
 والتمترس وراء اللامنطق هو الملاذ الأخير لمن يرفضون أن يتعاملوا مع واقع اثبت عدمية فكرهم وضلالية رؤيتهم فكانوا أعجز من أن يتطوروا فظلوا أسرى ما بلي من طروحاتهم وشعاراتهم.
 هي عنزة, حتى ولو طارت: فالقاعدة بالنسبة لهؤلاء بريئة من الجرائم التي ارتكبتها بحق الانسانية جمعاء حتى بعد ثبوت جرمها بالدليل القاطع, وتَمَثُّلِ وحشيتها بأبشع صورها في عمان.
 في الاردن, وفي العالم العربي, من غلاة اللامنطق كثيرون ممن لم يفتأوا يبحثون عن دور حتى ولو من خلال محاولة حجب الشمس بغربال.
 فكل شيء بالنسبة لهؤلاء مؤامرة. فالقاعدة بالنسبة لهم نسج خيال. وابو مصعب الزرقاوي خليقة امبريالية صنعها الغرب للاساءة للعرب والمسلمين. والارهابيون الذين يقتلون الأبرياء هم عملاء اجهزة استخبارات غربية.
قد يتفهم المرء أن تتمكن مثل هذه الهرطقات من أناس بسطاء محدودة معرفتهم ومداركهم. لكن أن يتبنى مثل هذه الخزعبلات من يدعون العمل السياسي فهو ما لا يمكن تفسيره الا من خلال الضحالة الفكرية التي صاغت ذهنيات الشريحة الرفضوية التي تسللت الى ساحات السياسة اردنياً وعربياً في زمن العجز العربي هذا.
 وسمعنا خلال الأيام التي تبعت جريمة الأربعاء الأسود بعض غلاة الرفضوية يردون جرائم الزرقاوي وغيره الى كل شيء سوى سببها الحقيقي: فكري ارهابي تكفيري لا علاقة له بدين أو قضية أو قرار منع مسيرة هنا, أو رؤية أو موقف سياسي هناك.
 عانت الساحة السياسية الاردنية والعربية على مدى عقود من مرضى الرفضوية السياسية التي ظلت أسيرة جدران جهل ضيقة منعت عن اتباعها نور الواقع الذي عرّى هشاشة فكرهم. ويبدو أن هؤلاء لن يتغيروا.
فالمرض عضال. لكن حماية الجيل الجديد من عدوى هذه الهرطقة السياسية ممكن. وتحصينهم ضد هذا الوباء الفكري واجب.
وهذا التحصين هو السلاح الأنجع في مواجهة ما تعاني منه المجتمعات العربية من تخلف اقتصادي وعلمي وثقافي. وفوق كل ذلك, هو السلاح الفاعل في خدمة قضايا العرب ومسيرة استعادة حقوقهم.
 لا حاجة لبذل المزيد من الجهد لتشخيص الأوبئة التي انتشرت عند بعض شرائح المجتمعات العربية. فالمرض واضح. والعلاج أوضح: حملة فكرية شاملة تعري دعاة الهرطقة وتنقي المجتمع من الفكر العدمي الذي يحاولون أن يبرروه بذريعة التفسير

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  ايمن الصفدي   جريدة الغد