سيقاس النجاح الفعلي للاجتماع التحضيري لمؤتمر الوفاق العراقي الذي أنهى أعماله في القاهرة أمس بما سيتبعه من خطوات على طريق بدء فعل ملموس للخروج من الأزمة العراقية بأبعادها السياسية والامنية.
لا شك ان انعقاد الاجتماع شكّل خطوة لافتة في الجهود الهادفة الى إنقاذ العراق مما يعاني من ازمات حولته الى ساحة صراع بين رؤى وايدلوجيات وتوجهات مختلفة وبين قوى تريده ان يعود وطناً آمناً لكل العراقيين وأخرى تريد تقسيمه او ابقاءه مرتعاً يعشش فيه الإرهاب ويفرخ تيارات عبثية تهدد استقرار العراق والمنطقة في آن.
أهمية المؤتمر في انه وفّر أول منبر جمع الفرقاء العراقيين كافة في حوار صريح حول عدة قضايا محورية في الراهن العراقي. وذلك إنجاز كان العراق في حاجة اليه بعد حوالي 3 اعوام من انهيار الدولة وفشل الطروحات التي اتبعت في تحقيق التقدم المطلوب في اعادة بناء الدولة.
وهنا مكمن الخطر. فاستمرار حالة الاستقطاب التي قسمت العراق فرقا وطوائف سيؤدي الى تفاقم التمترس الإثني والعقائدي وسيجعل من اعادة الأمن والاستقرار هدفاً صعب المنال.
صحيح ان العملية السياسية حققت انجازات مهمة لناحية بناء نظام سياسي جديد. لكن هذه العملية لم تنجح حتى الان في خلق تيار سياسي يتجاوز الخلفيات الإثنية والعرقية. فالعرب الشيعة شاركوا في الانتخابات البرلمانية السابقة وصوتوا على مسوّدة الدستور تحت مظلة هويتهم الدينية. كذلك فعل الاكراد، اذ شاركوا في هذه العملية ضمن تحالفات لم تضم غيرهم من العراقيين. والشيء ذاته ينطبق على قرار العرب السنة مقاطعة الانتخابات والتصويت على الدستور.
ثمة فرصة سانحة في الأفق الآن للقوى السياسية التي تعي اهمية بناء ائتلاف سياسي مبني على التقاء الرؤى حول عراق المستقبل وليس على الولاءات الإثنية والطائفية توفرها الانتخابات البرلمانية الشهر المقبل.
وهذه فرصة سيكون ثمن تفويتها كبيرا على العراقيين بسبب حتمية نتائجها التي ستتشكل في ضوئها حكومة دائمة. دخول العراق هذه المرحلة من دون التمكن من تشكيل جبهة سياسية شاملة سيكرس حال الانقسام التي اثبتت التجربة خطورة انعكاساتها على البلد.
التحرك نحو بناء مثل هذا التحالف خطوة يجب ان تتبع الاجتماع التحضيري لمؤتمر الوفاق اذا ما اريد لنتائجه ان تترجم على الارض فعلاً يسهم في بدء مسيرة فاعلة للملمة الاوضاع السياسية والامنية بما يرفع عن العراقيين ما يواجهون من ظلم واحتلال وارهاب.

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  ايمن الصفدي   جريدة الغد