لم تشهد سلعة منذ العام 1974 تقلبات في أسعارها مثلما شهدت أسعار النفط. وفي الوقت الذي ارتفع فيه سعر برميل النفط من حوالي 1.1 دولار إلى 2.4 دولار خلال الفترة بين عامي 1920 و1973، فإن سعر النفط قفز إلى أكثر من 8 دولارات العام 1974 ليصل إلى أربعين دولاراً العام 1984، ثم ليهبط إلى أدنى حد (6 دولارات للبرميل) العام 1986، ثم ليعاود ارتفاعه.
وخلال العقد الأول من القرن الحالي شهد النفط ارتفاعاً وانخفاضاً في سعره وصل حدود الـ 150 دولاراً العام 1907 ثم بدأ ينخفض إلى حدود 60 دولاراً، ثم عاود ارتفاعه الآن إلى أكثر من 100 دولار.
وحتى المضاربون بأسعار النفط، والمستخدمون له الذين يسعون لحماية أنفسهم من تقلبات أسعاره، لا يعرفون تماماً كيف تتغير أسعاره، ولا النسب التي يصل إليها هذا التغيير. ولربما يحصل اضطراب في نيجيريا، أو في حقول فنزويلا، فيرتفع النفط ارتفاعاً كبيراً، أو قد يحصل حدث مهم ولا يؤدي إلى نفس النتائج.
إن دولة كالأردن تجد نفسها أمام هذه الحقيقة الصعبة، ولذلك تقوم الحكومة عبر وزير الصناعة والتجارة بتحديد سعر جديد كل شهر لهذه السلعة، بينما عملياً قد يتغير السعر الخام للنفط كل يوم.
المهم هنا ليست التقلبات سريعة الأجل، ولكن هل يمكن أن نجد بدائل للنفط بحيث تهبط أسعاره في المستقبل؟ فالمحللون يحذرون من أن الولايات المتحدة قد تخرج من سوق النفط العالمية لأنها ستصل إلى الاكتفاء الذاتي بسبب قدرتها على استخراج النفط من الصخر الزيتي المتاح بكميات وفيرة فيها.. وتبلغ كلفة البرميل بحدود 34 دولاراً في المعدل لاستبدال كل برميل مستهلك. وهذا الرقم يرتفع باستمرار.
وبمعنى آخر، فإن الحديث عن نفط رخيص أو طاقة رخيصة صار جزءاً من الماضي. وحتى الطاقة المتجددة تتطلب كلفاً رأسمالية عالية. وكذلك، فإن معدل كلفة الاستبدال لكل برميل مكافئ قد تضاعفت بين عامي 2011 و2012 من حوالي 16 دولاراً إلى 32.
وإذا أخذنا احتمالات الطلب المستقبلي على النفط في دول مثل الصين والهند وإفريقيا، فإن الأرجح أن سعر النفط سيتذبذب ولكن معدل كلفة الطاقة ونقلها والضرائب عليها ترشح أسعارها للبقاء مرتفعة.
ولذلك، فإن الأردن يجب أن يأخذ استراتيجية الطاقة بكل الجدية المستطاعة. ومن غير المعقول أن نبقى معلقين على دوامة المضاربات والتقلبات في الأسعار راهنين إمكاناتنا الاقتصادية، وميزاننا التجاري، وعجزنا في الموازنة، وحل مشكلتي الفقر والبطالة في خانة الطاقة. هذا عدا عن حاجتنا للطاقة لإنتاج الماء، الرصيد الأساسي الثاني الذي نحتاجه مثل الطاقة.
آن الأوان أن نفترض أن سعر النفط قد يتذبذب وقد يهبط إلى 70 دولاراً، وهو تفاؤل ليس في مكانه. ومستقبل هذا البلد صار يتطلب استراتيجية طاقة طويلة الأمد، مذكرين أن مستقبلنا الصناعي والزراعي سيعتمد على قدرتنا أن نصل إلى الاكتفاء في مجالي الطاقة والماء.
المراجع
kermalkom.com
التصانيف
صحافة جواد العناني الآداب