في السؤال الثنائي الذي يطرحه كثير من أبناء الشعب الأردني حول من أهم؛ السياسة أم الاقتصاد؟ فإن الجواب هذه الأيام واضح. إن معظم أبناء الشعب مسكونون بهم ما سيجري، وما نتائج ضربة أميركية لسورية، عقاباً لها، على ما تقول الإدارة الأميركية، على قيام النظام هنالك باستخدام الأسلحة الكيماوية في الغوطة قبل أكثر من أسبوعين. 

ولا شك في أن الأسبوع الماضي شهد أحداثاً سياسية تدور خارج المنطقة. ففي لندن، هُزم رئيس الحكومة، ديفيد كاميرون، حين صوتت غالبية أعضاء "ويستمنستر" ضد اشتراك المملكة المتحدة في أي هجوم عسكري ضد سورية.. وشاهدنا الرئيس الأميركي، باراك أوباما، يقول من داخل حديقة الورود في البيت الأبيض بواشنطن إنه سيسعى للحصول على موافقة الكونغرس الأميركي قبل توجيه الضربة العسكرية لسورية. أما في موسكو، فما تزال الإدارة الروسية على موقفها؛ فهي تقلل إلى حد التكذيب الأدلة التي تقول الإدارة الأميركية إنها دامغة وحاسمة. وفي فرنسا، رأينا الرئيس، فرانسوا أولاند، مصمماً على المشاركة، ولكن عاد وعدّل ذلك الموقف حين صرح رئيس وزرائه أن فرنسا لن تذهب للحرب وحدها بدون تحالف دولي.

هذا التحشيد الدبلوماسي والعسكري، وهذا التركيز الإعلامي، لا يمكن أن يكون سدى. الرئيس الأميركي في خطابه من البيت الأبيض يريد من حلفائه في المنطقة (أي العرب) إعلان مواقفهم بصراحة بأنهم مع الضربة.

هل يمكن أن يخسر الرئيس الأميركي تصويت الكونغرس إلى جانبه؟ إذ يمكن أن يتضافر ضده المعارضون من حزبه الديمقراطي، لأنهم ضد تدخل الولايات المتحدة في أي حرب جديدة، والمعارضون له من الحزب الجمهوري، لأنه لا يتخذ إجراءات كافية، وأن ما ينوي عمله سيكون محدود الأثر، وقد يسهم في تقوية المتشددين من "جبهة النصرة" و"القاعدة".

أما الجيش السوري الحر، والذي سيلقى الدعم من الغرب والعرب، فإنه يريد ما يريده رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، وهو الاستمرار في الحرب إلى نهايتها، ونهاية النظام فيها. 

كل هذا الحديث يطرح التساؤل حول ما الذي يمكن أن يحصل لو فعلها الأميركيون وضربوا سورية. 

إذا كانت الضربة محدودة، فالأرجح أن تستوعبها الحكومة السورية، ولا تسعى إلى تصدير رد فعلها إلى المناطق المجاورة. ولكن إذا أدت الحرب إلى ردة فعل، وحصلت ردة فعل على ردة الفعل، فلا يمكن لأحد تصور ما يمكن أن تؤول إليه الأمور.

إذا صدق المحللون العسكريون، فإن الوضع وصل إلى مرحلة اللاعودة، والإدارة الأميركية لن تستطيع التراجع حفاظاً على هيبتها؛ فهل ستقبل سورية وروسيا وإيران بضربة أميركية لا تزيد عن صفعة على ظهر يد سورية؟

الأردن الذي يخاف أبناء شعبه من تبعات الحرب، وآثارها العسكرية والاقتصادية على حياته وأمنه، في موقف صعب. وقد اختار ألا يكون شريكاً، ولا معبراً، ولا ميسّراً في أي عمل عسكري ضد سورية.

الأرجح أن سورية ستُضرب حوالي منتصف الشهر. والبديل الأعقل هو أن يخرج كل طرف من أطراف هذه المعركة مدعياً أنه انتصر. وستعود الأمور في سورية إلى سابق عهدها في السنتين الأخيرتين؛ كر وفر، دم يُسفك ولاجئون، ولأشهر طوال مقبلة.

بعد الضربة، سنعود في الأردن لنقول: وماذا عن النتائج الاقتصادية لهذه الحرب الطويلة؟


المراجع

alghad.com

التصانيف

صحافة   جواد العناني   العلوم الاجتماعية