كما كان متوقعاً، فشلت الكيانات السياسية الشيعية الممثلة في قائمة الائتلاف العراقي الموحد في الحصول على الأكثرية البرلمانية التي تحتاج لتشكيل أول حكومة دستورية في عراق ما بعد صدام حسين. فنتائج الانتخابات التي اعلنت بشكل غير رسمي أمس اظهرت أن قائمة الائتلاف حصلت على أقل من 50% من المقاعد في الوقت الذي انخفض أيضا عدد المقاعد التي حصلت عليها القائمة الكردية المشتركة جراء مشاركة العرب السنة الذين حصلت قوائمهم على ثاني أكبر عدد للنواب بعد الشيعة.
المشهد السياسي العراقي الآن دخل مرحلة شرذمة سياسية تجعل من المستحيل تشكيل حكومة من دون صفقات سياسية بين الكيانات السياسية الممثلة في البرلمان القادم.
والواضح أن مرحلة المفاوضات ستكون مرحلة صعبة وطويلة في ضوء غياب التوافق على الرؤية السياسية التي ستوزع على أساسها الحصص في الكعكة السياسية في العراق.
فقائمة الائتلاف العراقي الموحد ستسعى الى الحفاظ على رئاستها للحكومة حقاً تدعمه الأكثرية البرلمانية التي منحتها اياها صناديق الانتخاب. لكن فشل الائتلاف في الحصول على الأكثرية المطلقة سيحول دونه وهدفه إن لم ينجح في بناء تحالف مع الأحزاب الكردية التي حصلت على حوالي 52 مقعداً من مقاعد البرلمان الـ275.
وما يزيد الأمور تعقيداً توزع المقاعد الأخرى بين عديد كيانات سياسية ذات اتجاهات سياسية وانتماءات طائفية وإثنية. وستجعل هذه الحقيقة من الصعب، وربما من المستحيل، تشكيل حكومة لا يكون الائتلاف الشيعي القوة الرئيسة فيها، وهو ما سيجد مقاومة من كيانات أخرى لا تريد أن يكون الاستحقاق الانتخابي المعيار الرئيس في تحديد تركيبة الحكومة، لكنها ستكون عاجزة عن تشكيل حكومة من دون الائتلاف.
والواضح أن الوضع السياسي في العراق يتطلب تجاوز الحقائق الانتخابية سعياً وراء توليفة تضمن الحد الأدنى من التوافق الوطني من أجل تحقيق انطلاقة حقيقية لجهود إعادة الأمن والأمان الى العراق.
وهذا هدف لن يكون سهلاً تحقيقه في ضوء رفض قائمة الائتلاف العراقي الموحد أي طرح يتجاهل نتائج صناديق الاقتراع، وهو ما أكده رئيس القائمة عبدالعزيز الحكيم أمس حين قال انه يريد حكومة اكثرية لا حكومة توافق.
في الوقت الذي يحتاج فيه العراق الى بناء توافق وطني لمواجهة حال التدهور التي يعيش، يجد العراقيون أنفسهم ضحايا انقسام سياسي سيطيل أمد المعاناة التي تتفاقم يوماً بعد يوم.
ذلك أن التحدي الأكبر الذي يهدد العراق الآن هو الخطر الأمني الذي يشكل التوافق السياسي السبيل الرئيس لحله. والتوافق يقتضي أن تعكس الحكومة العراقية الحقائق على الأرض وليس فقط الاستحقاقات الانتخابية، التي تأثرت بالظروف الأمنية والسياسية، خصوصاً في مناطق السنة الذين لا يمكن أن يستقر العراق من دون تمثيلهم بشكل مقنع في مؤسسات الحكم.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة ايمن الصفدي جريدة الغد