إيمان الشريف.. يزن شناعة.. طارق النسور.. تغريد أبو طالب.. حنان الشيخ، أسماء حقيقية، لأشخاص يمثّلون شريحة من مجتمع سائقي المركبات الخاصة، والذين تتم سرقتهم -عيني عينك- مرة واحدة على الأقل أسبوعياً، من قبل بعض عمّال محطات البنزين. هذه حكاية الأسبوع عزيزاتي وأعزائي، يا من تتأثرون حقاً من سلب دراهمكم من جراب حيائكم، وتحت أنظار أخلاقكم العالية، التي لا تسمح بمراجعة اللصوص، والاكتفاء بالتالي بالدعاء عليهم -إن صح اعتقادكم- مراعاة للضمير المستيقظ!!
فالجماعة - حسبي الله عليهم- يتفننون بأساليب السرقة المتنوّعة.. وإمعاناً في الكمد والغيظ، يدفعون المواطن، للمشاركة في جنحة سرقته بنفسه..مرة يأمرونه بإيقاف سيارته إلى الأمام قليلاً - أي بعيداً عن المضخة التي سيعبئ منها- ولو كلف ذلك جهداً كبيراً في شد الخرطوم إلى آخره، حتى تكاد تتقطّع شرايينه.
ومرّة يشوّهون شاشة عرض المضّخة؛ كي لا يظهر منها ما بطن، ومرّة يصبحون جداراً عازلاً أمام رأس المواطن ورقبته، التي (تنشلع) من مكانها، في محاولة يائسة لكشف ما بعد الجدار!
ويا سلام لو كان السائق مشغولاً بهاتفه الخلوي! أو بمحادثة راكب آخر ..هنا يحلو الضرب..اللعب بالعداد واللعب بالنقد الراجع..
لست بصدد محاربة ظاهرة العشرة أو العشرين قرشاً، التي يتم القفز عنها أثناء التعبئة..لكنني أتساءل بجد عن أوضاع لا يستطيع فيها السائق، متابعة وملاحقة تفانين بعض العمّال في سرقته نهاراً جهاراً، وأمام عينيه المؤدبتين..
ماذا تقول السيدات خاصة في هذا الشأن؟ لماذا يشعرن بالاحتقان والقهر، من ثلة أشخاص يتلذذون في التحكّم بهن، وهم يعرفون بأن النساء في مجتمعنا يأبين على أنفسهن المماحكة والمجادلة مع الغرباء، خصوصاً لو تعلق الأمر بالمسائل المالية، وأمام سائقين عجولين، يكرهون بالأصل الاصطفاف وراء سيارة تقودها امرأة، على اعتبار البطء في الإجراءات!!
أسألكم بالله.. كم مرة تقررون فيها النزول من السيارة قبل وأثناء التعبئة..ولا تفعلون؟! كم مرة نجحت محاولاتكم الخجولة في مراجعة أصحاب المحطات، حتى لو تأكدتم من تعرضكم للسرقة؟؟
وأسأل نفسي ..وأنا "الحردانة" من مؤشر البنزين، الذي رضي صاغراً بقرارات الدولة في رفع أسعار الوقود.. كيف سمحت لهم باستغفالي واستغلالي -وأقصد العمّال طبعاً-؟
ثم أسأل أصحاب الشأن في هذه القضية، وخصوصاً مسؤولي مصفاة البترول، ما هي إجراءاتكم التي يمكن من خلالها مراقبة آليات عمل مضخات البنزين في الدولة ؟
ولا أعرف إن كان سيجدي نفعاً، لو تم اعتماد نظام القيم مسبوقة الدفع، والتي تحدّ من دور العمّال مالياً، وحينها أي مبلغ إضافي (يطلع من نفس الواحد) سيسمى بقشيشاً.
وأخيراً، تأكدوا أن قرار تعويم أسعار الوقود تم ابتلاعه، وبرمجة المشاوير على أساسه، لكن في مقابل أن قيمة عشرة دنانير وقود، يجب أن تحرق بعشرة وليس بتسعة!!
صدقوني أن أكثر من نصف سيارات البلد، مرهونة للبنوك وشركات التمويل، فلا يغرّنكم هيكلها الخارجي، وعبارات التفاؤل الملصقة على زجاجها الخلفي، مثل "لا تلحقني مخطوبة" فالماكينة جداً تعبانة!!
وصدقوني أن الخمسة دنانير، التي يمدّها السائق من نافذة سيارته، صارت اليوم نواة معتبرة يرتكز عليها زير العيش المرير.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة جريدة الغد حنان كامل الشيخ