زيارة وفد حماس الى الأردن ليست كمثل زيارة أي دولة أخرى. هنالك اعتبارات موضوعية وإشكاليات قانونية وسياسية لا بد من حلها حتى تثمر الزيارة نتائج عملية تنعكس ايجاباً على الطرفين.
الثابت هو ضرورة تطوير علاقات وثيقة بين الحكومة وحركة المقاومة الإسلامية التي ستشكل الحكومة الفلسطينية القادمة.
أما الأسس التي ستبنى عليها العلاقة بين الأردن وحماس الحكومة الفلسطينية فلا بد أن تعالج خصوصيات سياسية وقانونية تسهم في إسناد الشعب الفلسطيني في سعيه لتحقيق استقلاله واستقلاليته, وتنهي أي امتداد تنظيمي لحماس في الأردن خارج إطار العلاقات بين حكومتين.
الموقف الأردني من حماس تبلور منذ اللحظات الأولى لفوز الحركة في الانتخابات التشريعية الفلسطينية: حماس هي خيار الفلسطينيين في انتخابات حرة نزيهة. تلك حقيقة يجب أن يحترمها العالم ويتعامل معها ضمن نظرة ناضجة تهدف إلى دعم بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية وقدرتها على إدارة شؤون شعبها. اضافة الى ذلك, فإن استعمال الدعم المالي أداة ضغط لانتزاع تنازلات سياسية من حماس تجاه اسرائيل هو استغلال غير مشروع لاحتياجات الشعب الفلسطيني.
ذلك في البعد الإقليمي والدولي والفلسطيني. أما في البعد الأردني, فواضح أن الحكومة معنية بترتيب العلاقة مع حماس بما يؤدي الى إزالة أي بؤر توتر قد تنشأ في المستقبل. فالعلاقة مع حماس الحزب الحاكم في فلسطين تختلف, حتماً وضرورة, عن العلاقة مع حماس التنظيم السياسي المقاوم. وسيكون لهذه الحكومة سفارة تمثلها ومصالحها وتلغي الحاجة لوجود أي امتداد تنظيمي أو سياسي أو إعلامي.
وقد يكون التفاوض حول هذه القضايا, إضافة الى الوضع القانوني لرئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل الذي غادر الأردن بطلب من الحكومة عام 1999, هو سبب عدم تحديد موعد زيارة قياديي حماس الرسمية للأردن.
لكن هنالك مؤشرات عديدة إلى أن الحوار يسير بشكل إيجابي. وهذا تعكسه تصريحات قياديي حماس الذين يعون أيضاً حجم الإسناد الذي يستطيع الأردن تقديمه لهم على الساحة الدولية التي تحتاجها حماس للنجاح في دورها الجديد حكومة تدير أوضاع الشعب الفلسطيني الاجتماعية والاقتصادية وتفاوض بالإنابة عنه سياسياً.
ما يجمع الأردن وحماس أكبر من ذلك الذي يفرق. فقيام الدولة الفلسطينية مصلحة أردنية كما هو حق وطموح فلسطيني. والحاجة لتنسيق الجهود للوصول الى ذلك الهدف المشترك ستدفع للتوصل الى صيغة عملية تعالج الإشكالات القانونية والضرورات السياسية.
حدث ذلك مع فتح حين قادت السلطة الوطنية الفلسطينية نتيجةً منطقية لتطور دورها. وسيحدث هذا أيضا مع حماس وهي تحدث التغييرات الجذرية اللازمة لإنضاج عملية تحولها من حركة مقاومة الى حزب حاكم.

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  ايمن الصفدي   جريدة الغد