يا رب ...
ذلك الرجل، الذي لا يستهويه الاستيقاظ من النوم إلا بأداء علقة ساخنة لزوجته الصبور، متذرعا بكل الأسباب "المنطقية جدا" بالنسبة له.. ألم تقطع عليه خلوته من دون استئذان، بينما كان يحادث احدى نسائه، وهو ممدد على السرير، مما أربكه.. أمامها؟ ألم تكن القهوة التي قدمتها له بيدين مرتجفتين، ماسخة وحلوة زيادة؟ ألم تتأخر دقيقة كاملة على موعد مناولته المنشفة، وهو ينتظر تحت الدش؟ ألم تكن وقحة وقليلة احساس، حين وقفت أمامه وجها لوجه، وعيناها في عينيه، تطالبه بأجرة الطبيبة التي ستضطر لزيارتها، بسبب حملها السادس "الخطأ"؟!

 

يا رب ...
الصبية الجميلة، التي بالغت في استهلاك أنوثتها حتى الضياع.. تفكر كل يوم بترك تلك العادة اللعينة، مستعيدة ذكرى حبيبها الأول، الذي وثقت برجولته المبكرة، وصدقت أنها امرأته الأولى والأخيرة، لتكتشف أن المرة الأولى، هي مرة أولى فقط، لا تتبعها الا الثانية والثالثة والعاشرة والمائة، من دون أن تصل للأخيرة أبدا. تاجرت بكل شيء تعتقد أنه ملكها، هدمت بيوتات كانت ممسوكة بقائم واحد اسمه.. الستر، سرقت فتيانا وشبابا وكهولا وعجزة من حيواتهم المحترمة، ورمت بقلوبهم المحطمة على قارعات الطريق، وضحكت على دموع الأمهات والزوجات والبنات بصوت عال جدا..

 

يا رب ...
سعادة النائب القادم، راعي مصالح أهل دائرته الذين سيمنحونه ثقتهم العمياء، منجرين لكمشة شعارات وطنية وقومية، تقشعر لها الأبدان بمجرد قراءتها، متأثرين كثيرا بولائم الخير وصناديق الخير ومراوح الخير. هذا الرجل، لاينوي على خير!

 

البارحة فقط كان يتعشى برفقة بعض من مرشحي القبة الجدد، بضيافة أحدهم وكانوا يفكرون باستحداث لجان جديدة، واختراع قوانين جديدة، والتذرع بمخاطر جديدة، تسهل مرور مشاريعهم الضخمة والهادفة للانفتاح على العالم، عبر أي بوابة تتسع لعقود الشراء والبيع.. عن طيب خاطر!

 

يا رب ...
معلمة الصف الأساسي، حلفت بحياة أولادها أنها لم تتعمد ايذاء الطفلة التي فقدت سمعها، نتيجة تعرضها لصفعة قوية، حسب التقرير الطبي.. واندفعت الى كل الوسائل التي ستجنبها أي مساءلة قانونية.. أدخلت وسطاء الخير، اشترت علب الحلويات، حضنت الطفلة وهي في المستشفى، وبكت عليها بمرارة، دفعت مصاريف العلاج، وتعويضا كاد أن يقصم ظهر زوجها.

 

لكنها في الفصل الثاني، وجدت نفسها لاتغالب غضبها أمام اصرار طفلة أخرى على تكرار نفس الخطأ، فكسرت عصا على يديها الصغيرتين، وكسرت معها كفا نسيت أن تكتب الواجب!

 

يا رب ...
عم الأيتام، حسب حسبته الدنيئة بعد وفاة أخيه بساعة واحدة، ودبر عقدا يبيح له التصرف بأمواله في الحياة والموت. وضع يده على ايجار المخازن ومحصول الزيتون، الذي يعتقد أن بيت أخيه قد اكتفى بخيره الأعوام السابقة، وأنه قد جاء دوره ودور بيته لينعم بها. غير عابئ بتوسلات أم اليتامى، ولا بانكسار عيون أولاد أخيه، وهم يحرثون أراضي الغرباء ليوفروا لقمة عيشهم المرير، متماديا في غيّه وجشعه، حتى وكأنه يدرس مع نفسه فكرة استيفاء ايجار منزلهم الذي "يتبربحون" فيه طولا وعرضا بلا مقابل!

 

يا رب..
هؤلاء.. وآخرون تعرفهم جيدا، أدعوك في هذه الليلة الفضيلة، فقط أن تمنحهم.. فرصة أخيرة.

 

بقلم: حنان كامل الشيخ.​


المراجع

alghad.com

التصانيف

صحافة   جريدة الغد  حنان كامل الشيخ   الآداب