تدق إسرائيل طبول الرعب من نتائج ثورة الربيع العربي، شأنها في ذلك شأن المتضررين من حكم الشعب، وعلو صوت الشارع العربي الذي طالما بقي مغيبا لسنوات طويلة، تمتد ربما منذ عهود الاستقلالات العربية..

بعد مشهد مبارك في القفص والقذافي في مصرف للمجاري، ومن ثم مجرجرا مضرجا بالدماء، وعلي صالح مسود الوجه مُشَعْوَطا، ما الذي يقنع الشعب العربي المقهور بأن لا يحلم برؤية نتانياهو يداس بالأقدام؟

موقع «إسرائيل اليوم» ترجم مخاوف إسرائيل من المصير الذي ينتظرها، عبر تحريض ممنهج على الربيع العربي، وتخويف مما سمّاه الشتاء الإسلامي، الموقع قال: إن الإشادة بـ»الربيع العربي» من قبل القادة الغربيين «السذج» الذين رأوْا أنه تطور إيجابي، من شأنه أن يجلب النهاية الحقيقية للنمط الغربي للحريات الديمقراطية في الشرق الأوسط. وقال التقرير: إن أكثر من محلل بما فيهم عددٌ من كبار المسؤولين الإسرائيليين، حذروا من أن «الربيع العربي» على وشك أن يأتيَ بـ»الشتاء الإسلامي»

وللتدليل على «مخاوف» إسرائيل من هذا الربيع، يورد الموقع أمثلة من ثلاثة بلدان فيقول: إن تونس- أول بلد عربي يطيح بالديكتاتور الذي حكمه لوقت طويل- نظم يوم الأحد أول انتخابات حرة منذ استقلاله، وكان إقبال الناخبين هائلا بنسبة 90 في المائة؛ ما فاجأ الكثيرين من الغرب.. وبعد ظهر يوم الاثنين، مع انتهاء فرز العديد من الأصوات، وكما كان متوقعا سيطر حزب النهضة التونسي على البرلمان بأغلبية مريحة، وتصنف وسائل الإعلام الغربية النهضة كحزب إسلامي «معتدل»، وهو وصف مضلل –وفق الموقع الإسرائيلي- فقد أيد حزب النهضة استيلاء إيران على السفارة الأميركية في طهران عام 1979، ودعا إلى شن هجمات على أهداف أمريكية خلال حرب الخليج. إضافة إلى أن فكر «النهضة» يرتكز على فكر جماعة الإخوان المسلمين في مصر() والتي تسعى لفرض الشريعة الإسلامية على العالم بأسره، وهو ما سيبدأ بتونس، حيث أعلن رشيد الغنوشي، زعيم حزب النهضة مؤخرا، أنه إذا فازت جماعته في الانتخابات في تونس، فإنه سيعمل على فرض ما سمّاه بـ «الشريعة المعتدلة» على بلد كان يعد حتى الآن واحدا من دول العالم العربي الأكثر انفتاحا

ومن تونس ينتقل كاتب الموقع إلى ليبيا، التي تحررت من حكم العقيد معمر القذافي، وشهدت احتفالات على نطاق واسع هذا الأسبوع. حيث أعلن «الزعيم المؤقت»، مصطفى عبد الجليل يوم الأحد، أن الشريعة الإسلامية ستكون المصدر الأساس للقوانين المدنية، وغيّر عبد الجليل بالفعل عددا من القوانين الليبية التي لا تتفق والشريعة الإسلامية، مثل منع البنوك المحلية من تقاضي فائدة، وتشريع تعدد الزوجات مجددا. وحث عبد الجليل مواطنيه أثناء الاحتفال بتحرير ليبيا، بهتاف «الله أكبر»

ومن ليبيا إلى مصر التي تستعد لإجراء أول انتخابات منذ الإطاحة بـ»الدكتاتور» السابق محمد حسني مبارك، حيث تشير كل التقديرات إلى أن جماعة الإخوان المسلمين ستفوز بأغلبية مطلقة في البرلمان، حسب ما يرى الموقع الإسرائيلي، أو ستشكل كتلة كبيرة ستؤثر في أي حكومة مقبلة، وجماعة الإخوان المسلمين المصرية هي منبت كل جماعات التطرف الإسلامي في المنطقة -وفق التقرير- وهي الأب المباشر للمنظمات «السلفية» مثل حماس

وينتقل الموقع إلى مناطق أخرى، فيرى أن سلطة الإسلاميين تدعمت في كل من تركيا ولبنان، رغم أن ذلك لم يتطلب انتفاضات مدنية لتحقيق ذلك، ويستذكر الموقع ما قاله الجنرال إيال أيزنبرغ ، رئيس قيادة الجبهة الداخلية بإسرائيل، حين حذر منذ أشهر،من أن الشرق الأوسط الذي سينبثق عن الربيع العربي، سوف يكون ملاذا للفكر «المتطرف»، وهو الأمر الذي يزيد من احتمال وقوع حرب شاملة، وهي الحرب التي قال عنها أيزنبرغ: «إنها قد تشمل حتى أسلحة الدمار الشامل»، من ينقل ما يراه المحللون، أن «الشرق الأوسط» في ظل الأنظمة الديكتاتورية السابقة، لم يكن سيتم استخدام أسلحة الدمار الشامل ضد اسرائيل، حيث كان لتلك الأنظمة الحاكمة مصلحة طويلة الأجل في الحفاظ على الوضع القائم؛ لكن القوى التي يسميها الموقع «راديكالية» التي هي في طريقها للسيطرة على العديد من الدول لا تهتم بتلك «المصلحة»، بل الأكثر من ذلك، ان بعض هذه القوى تتبع أيديولوجيات تدعو إلى تدمير إسرائيل، من أجل الدخول في عصر ذهبي إسلامي جديد

ونقول، إذا كانت إسرائيل محكومة من قبل أحزاب دينية متطرفة، تصر على يهودية الدولة، وكل دول الغرب المسيحي «تحرم» تشريعاتها أن يحكمها زعيم غير مسيحي، وتنتشر فيها الأحزاب اليمينية المتطرفة الصاعد نجمها، فلِمَ يستغربون أن يحكم بلاد الإسلام مسلمون؟ أليس من حق أبناء هذه الأرض أن يحكموا أنفسهم بأنفسهم، بدلا من استيراد حكام عملاء يدينون للغرب بالولاء؟

ثورة الربيع العربي انطلقت، وقطار الشتاء الإسلامي لن يتوقف إلا في القدس الشريف، وستذكرون ما أقول لكم، رضي من رضي وأبى من أبى


المراجع

addustour.com

التصانيف

صحافة  حلمي الأسمر   جريدة الدستور   العلوم الاجتماعية