ليس غريبا أن تطالب قوى المعارضة في سورية فِرقَ المراقبة العربية، أن تتوجه فورا إلى حمص، بعد أن سجلت هذه المحافظة بمدنها وأحيائها مثالا حيا على شكل وصورة المواجهة الحقيقية بين الدولة ومعارضي الدولة. 

فبرغم انتقال أحداث الثورة السورية من درعا إلى إدلب إلى حماة إلى حمص والرجوع من جديد تقريبا بنفس الترتيب، مع بروز أحداث مساندة هنا وهناك، لكن لا ينكر اثنان أن ما مرت وما تزال به حمص، يفوق كل التصورات الإنسانية، والتجارب الثورية العربية السابقة. حيث لا تكاد تمر نشرة أخبار واحدة دون أن يتكرر نبأ سقوط عدد معين من الشهداء وأضعافهم من الجرحى، معظمهم في حمص.

وبالحديث عن مهمة فرق المراقبة، فقد وصلت بالقيادة السياسية في سورية، والتي عملت كل شيء لإفشال مهمة المراقبين، حتى قبل أن تطأ أقدامهم الأراضي السورية، وصلت بهم أن يسربوا تقارير بغاية الخطورة، تغطي على مجموعة العثرات السياسية والإعلامية المتلاحقة، والتي تنبئ بأن اضطرارهم إلى التوقيع على البروتوكول، بعد أن أضافوا تعديلاتهم "وهذا ليس صحيحا أيضا"، هذا التوقيع سيوقعهم بفخ التدويل إن عاجلا أم آجلا، بحسب تلك التقارير، والتي كشفت عن "خطة الجامعة العربية" ونيتها المبيتة في إفشال مهمتها، حتى توصل الملف السوري إلى المحافل الدولية.
 
وتعزز هذه التقارير تفاصيلها الدقيقة جدا بأن فرقا من البعثة، سيختلفون مع الفرق السورية المصاحبة، بحجة تقييد حرية حركتهم، فينسحبون من المهمة، ويبعثون بتقارير عن ظروف عملهم السيئة، وعدم تعاون الجهات الرسمية معهم، ما يعزز فكرة التعتيم الإعلامي والسياسي المتعمد.

إنه من الخطير جدا التعامل بحذر وخوف مع هذه الأخبار، خاصة من طرف البعثة المفترض أنها ستتوزع اليوم على المحافظات السورية. لأن سياسة "العين المكسورة"، ستدفع بأعضاء البعثة إلى التعاون المشروط مع الجهات الرسمية، حتى لا يحققوا نبوءة الفشل، ولو كان ذلك على حساب الحقيقة!
من قلبي أتمنى أن تنجح المهمة، بالكشف عن الواقع الذي نعرفه ولا تعترف به القيادة السورية، وعن أي وقائع أخرى نحن لم نعرفها، بسبب تغييب الإعلام العربي والعالمي، عن الصورة الكاملة. ومن قلبي أتمنى أن تنجح البعثة في التعامل مع كافة الأطراف، قبل أن ينهي طرف على ما تبقى من الطرف الآخر، وشهود عيانه.

وأخيرا فإن سؤالا مشروعا يقفز إلى الواجهة، في ظل هذا الحراك السياسي والعسكري العنيف. لماذا توقفت مهام الجامعة العربية عند إرسال بعثة مراقبين، وكأنها تشكر السماء على الوصول إلى تلك النقطة، مع القيادة في سورية؟ ألا يستحق سقوط أعداد مضاعفة من الشهداء والمصابين، قبل وأثناء وبعد وصول البعثة، إلى جلسة عاجلة لأعضاء الجامعة، تضغط من خلالها لإيقاف حفلة نزيف الدم؟ أم أن ذلك يمكن أن يؤثر على خطط المراقبين وسلامتهم؟!!

 

بقلم: حنان كامل الشيخ.​

 

 


المراجع

alghad.com

التصانيف

صحافة   جريدة الغد  حنان كامل الشيخ   الآداب