سيسجل التاريخ ان «جمعة المفرق» كانت جمعة حزينة في حياة الأردنيين، لأكثر من سبب، ويمكن تكثيف مداخلتنا حول هذه الواقعة في جملة من النقاط، علما بأننا سنسير على حبل مشدود ونحن نتحدث في هذا الشأن لأكثر من سبب..
أولا/ بداية لا مصلحة لأي أردني في إراقة أي قطرة دم زكية لأي ابن بلد، بغض النظر عن لون الزي الذي يرتديه، سواء كان مدنيا أو عسكريا، فهذا خط أحمر لدى كل من يعيش على هذا الثرى الطهور، من رأس الهرم إلى أصغر مواطن، وهذه الحقيقة تدفعنا لوضع كل الخطط والبرامج والاستعدادات لمنع إراقة أي قطرة دم أردنية في سياق حراكات الإصلاح، وخوفنا الشديد مما جرى في المفرق أن ثمة من جنح للتعدي على هذا الثابت، فأراق قطرات دم، عبر استعمال وسيلة شغب محظورة وهي الرجم بالحجارة، فهذا أسلوب مرفوض جملة وتفصيلا، كائنا من كان استعمله أو سيستعمله
ثانيا/ حق التظاهر مقدس، ومصان بالقانون والدستور، ولكن درء الفتن والمفاسد مقدم على جلب المصالح، وكان واضحا أن هناك نية لتحويل جمعة المفرق إلى جمعة صدام، فكان حريا بالجميع «اختصار الشر» والبعد عن بؤرة المواجهة المتوقعة، واستبدال النشاط بنشاط آخر، لا ينطوي على أي مخاطر، وكي لا يذهبن أحد بعيدا، فهذا ليس مبررا لفرض رأي مجموعة من الناس على حزب أو تنظيم سياسي جذوره ضاربة في أعماق الأرض الأردنية |
ثالثا/ تسعى الحكومة الجديدة لإعادة فرض هيبة الدولة، وهذا يقتضي أن يكون لأجهزتها الكلمة الفصل في منع أي جهة من الاعتداء على أي جهة أخرى، ولو تم هذا الأمر، لما تم حرق مقر حزب جبهة العمل الإسلامي.
رابعا/ الجهاز الأمني هو جهاز لكل الأردنيين، ونتوقع منه أن يحمي الجميع، ويطبق القانون بصرامة على الخارجين عن القانون، ولهذا، نأمل أن يتم التحقيق فيما جرى في جمعة المفرق، كي يتأكد الكل أننا في دولة قانون ومؤسسات، وكي يعرف الكل دور كل جهة من الجهات التي ساهمت في صناعة تلك الجمعة الحزينة |
خامسا/ الحراكات والإصلاحات أصبحت ظاهرة قانونية وشعبية في الأردن، وتم الاعتراف بها من أعلى الهرم في الدولة، والتعامل معها يجب أن يكون في سياق القانون، ويجب استثمارها لترشيد مسيرة الإصلاح، لا تحويله إلى صدامات بين أبناء الوطن، وهنا ملحوظة غاية في الخطورة، وهي عدم اللعب بورقة العشائر في هذا المشهد، فلم نسمع أن عشيرة أردنية واحدة كانت ضد الإصلاح ومكافحة الفساد وملاحقة المفسدين، ولهذا، على عقلاء هذا الوطن إبقاء هذه الورقة في منأى عن أي توظيف خاطىء، فعشائرنا مباركة ولعبت على الدوام دورا بناء في تمتين جبهتنا الداخلية، وحماية مقدرات الوطن، وصون دماء أبنائه، ويجب أن تستمر في أداء هذا الدور الرسالي المجيد..
سادسا/ حكومة الدكتور عون الخصاونة هي حكومة إصلاحية، وصاحبة ولاية عامة، ونتوقع منها أن تتعامل بحزم مع أي خارج عن القانون، ونتوقع أيضا أن تحمي الحراكات، وتحمي أصحاب الرأي الآخر من رافضي هذه الحراكات، وأن تقف على مسافة واحدة من الأطراف كافة، كي لا يتكرر ما حدث في جمعة المفرق الحزينة |
المراجع
addustour.com
التصانيف
صحافة حلمي الأسمر جريدة الدستور العلوم الاجتماعية
|