زودني الصديق المحامي محمد زياد أبو غنيمة بمداخلة قانونية قيمة حول مسودة مشروع قانون السلطة القضائية عرض فيها الايجابيات والسلبيات في المسودة، وهو كمواطن أردني وكمحام وكقاض سابق – كما يقول- كفل له الدستور الأردني حق التعبير سندا لأحكام المواد 15و17 ولهذا لا يجد غضاضة في القول إن مسودة مشروع قانون السلطة القضائية لا يتضمن الحد الأدنى من المعايير الدولية الواجب توافرها لاستقلال القاضي للقيام بواجباته بإحقاق الحق وهي مبدأ الأمن الوظيفي ومبدأ الأمن المالي، ويسوق فيما يلي، تحليلا لبعض
نصوص مسودة المشروع وبيان الإيجابيات والسلبيات في هذه المسوده حتى يتسنى مراجعة المسودة بما يضمن استقلال واستقرار السادة القضاة في أعمالهم القضائية .
الإيجابيات في مسودة القانون :
- - تضمنت المسودة وفي المادة 72 إنشاء ناد اجتماعي وثقافي للقضاة وهو خطوة رائدة لتوثيق رابطة الإخاء والتضامن وتسهيل سبل الاجتماع والتعارف بين جميع رجال القضاء .
- - تضمنت المسودة وفي المادة 71 ان التأمين الصحي للسادة جميع القضاة تنطبق عليهم الأحكام الخاصة بالفئات المنصوص عليها في المادة 26 من نظام التأمين الصحي .
- -تضمنت المسودة وفي المادة 19 ان كل قاض بالدرجة العليا أكمل أربع سنوات خدمة قضائية متصلة في الدرجة العليا لقب نائب رئيس محكمة التمييز، مما يترتب عليه تقاضي كل منهم راتباً أساسياً مقداره (2000 ) دينار وعلاوة قضائية مقدارها (120% ) من الراتب الأساسي بموجب نظام الخدمة القضائية .
والإيجابية بهذا النص تخفيض المدة من سبع سنوات الى أربع سنوات وهي تتضمن مبدأ الأمن المالي للقضاة من الفئة العليا فقط»
- -تضمنت المسودة وفي المادة 70 تحديد موقع القاضي عند إشراكه في المناسبات الوطنية والرسمية بما يتلاءم ومكانة القضاء .
- -تتضمن المسودة وفي المادة 5 تمتع السلطة القضائية باستقلال مالي وإداري .
أما السلبيات في مسودة المشروع فهي:
- -لم تتضمن المسودة مبدأ انتخاب رئيس المجلس القضائي أو أي من أعضاء المجلس القضائي أسوة بالدول المتقدمة.
- -لم تتضمن المسودة أي نصوص قانونية تضع ضوابط ومسببات لعملية نقل السادة القضاة او انتدابهم وفقا المادة 45 و46 من المسودة .
- -لم تتضمن المسودة أي نصوص تضفي الحصانة على أعضاء المجلس القضائي فقد نصت المادة 46 من المسودة انه يجوز للمجلس بتنسيب من الرئيس ندب أي أعضائه ....؟
- -لم تتضمن المسودة أية نصوص تلغي مبدأ إنهاء الخدمة والتي هي سيف مسلط على رقاب السادة القضاة وقد وردت بشكل خفي في متن المادة 49/ب وهي من أهم احتجاجات السادة القضاة على القانون القديم .
- -لم تتضمن المسودة أي تقييد على صلاحيات رئيس المجلس القضائي بحيث بقيت صلاحياته مطلقة وان تمت الإشارة إلى تشكيل لجان قضائية تنسب للمجلس القضائي مع بقاء صلاحية الرئيس بتعيين اللجنة .
- -لم تتضمن المسودة أي تعديل على موضوع تأخير ترفيع السادة القضاة .
أما المخالفات الدستورية التي تضمنتها المسودة فيمكن إجمالها فيما يلي:
ان صلاحيات جلالة الملك في الدستور واضحة , ومن هذه الصلاحيات تعيين رئيس الوزراء ورئيس مجلس الأعيان وفقا لأحكام المواد 35و36 ولم يرد في الدستور الأردني ما يشير الى ان جلالة الملك هو من يقوم بتعيين رئيس المجلس القضائي , ومن ناحية أخرى فإن تعيين رئيس المجلس القضائي وانهاء خدماته بإرادة ملكية سامية فيه مخالفة للدستور كون السلطة القضائية منفصله عن باقي السلطات سندا لأحكام المادة 98 من الدستور , وبما ان الإراداة الملكية السامية وكما وردت بالمادة 40 من الدستور « يمارس الملك صلاحياته بإرادة ملكية وتكون الإرادة الملكية موقعة من رئيس الوزراء والوزير او الوزراء المختصين يبدي الملك موافقته بتثبيت توقيعه فوق التواقيع المذكورة «, فإن ذلك يعني ان تعيين رئيس المجلس القضائي يكون من جانب السلطة التنفيذية , وبالرجوع الى قانون استقلال القضاء السابق رقم 49 لسنة 1972 فإن تعيين رئيس المجلس القضائي كان بناء على تنسيب من الوزير وبقرار من المجلس القضائي صاحب الصلاحية في التعيين او الرفض , وبالتناوب فقد تناقضت هذه المادة مع المادة 3 من نفس المسودة التي نصت على ان العدل اساس الملك والسلطة القضائية سلطة مستقلة .
طبعا لم تزل هنالك فسحة من أمل في ان يقوم المجلس القضائي برد مسودة هذا المشروع والدعوة الى مؤتمر قضائي يجمع جميع السادة القضاة للخروج بقانون للسلطة القضائية يتوج الاصلاحات التي ينادي بها جلالة الملك , فالإصلاح القضائي هو بداية للإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي , ولا يعقل منطقا ان يقوم ثلثة من السادة القضاة الأجلاء بصياغة مسودة المشروع يتعلق بثمانمائة قاض جليل ومن بعدهم ستة ملايين مواطن اردني ..
والشكر موصول في النهاية للمحامي محمد زياد ابو غنيمة، الذي زودني بهذه الرؤية القانونية، آملا أن تفتح الباب لمناقشة مسودة مشروع القانون، كي تأتي على الصورة الأمثل..
المراجع
addustour.com
التصانيف
صحافة حلمي الأسمر جريدة الدستور العلوم الاجتماعية