لو كانوا اميركيين او فرنسيين لقامت الدنيا ولم تقعد. لكن ها قد مرّ أكثر من اسبوعين على اختفاء المواطنين الاردنيين الثلاثة في الشام والسلطات السورية لا تكترث ثم كرمال عيون رئيس وزرائنا الذي يزور دمشق صدر وعد بمتابعة الموضوع.
ليس هناك ما يبرر أو يشير الى وجود جهة خاصّة وراء اختفائهم، والمرجح انهم محتجزون لدى احدى الجهات الأمنية لكن الجهات الرسمية تنفي وتقول انه بمراجعة الجهات المعنية لم يظهر وقوع حادث من هذا النوع. وهناك تفسير آخر بان الثلاثة ربما احتجزوا لدى مركز امني صغير على خلفية شجار مما يأخذ وقتا في البحث عنهم، وهذه رواية ضعيفة الآن، فقد مرّ ما يكفي من الوقت من اجل" التشييك" على المراكز، وفي حالة كهذه ليس معقولا انه لم يتح للموقوفين الاتصال بذويهم أو طلب محام، والفرضية المنطقية الآن أن حظهم العاثر قادهم لسبب ما للوقوع بيد احد الأجهزة مثل كثير من مواطنيهم الذين يختفون في السجون تحت رقم أو اسم حركي ولا يظهرون الا بعد سنوات. لكن اعتقد ان الكيل طفح ويجب ان لا نقبل بأي تهاون ليس في هذه القضية فحسب بل ايضا في قضية المعتقلين الآخرين وبعضهم يقبع منذ سنوات طويلة من دون حكم قضائي أو تهمة وتماطل السلطات السورية في اطلاق سراحهم في سلوك يستعصي فهمه على كل منطق!
لا نريد أبدا وضع العصي في دواليب التحسن في العلاقات بين بلدينا بل اننا ندعو الى تطوير التعاون والتكامل مهما كانت الخلافات السياسية، لكن في نفس الوقت يجب ان نتحدث بحزم ويحق لنا أن نغضب ونخاطب الرأي العام بهذه القضية حيث يبدو أن الصوت الواطي والكياسة الدبلوماسية لا تنفع.
لقد بادر الاردن مبكرا وفي ذروة الخلافات السياسية لمدّ الجسور مع سورية، ورغم الزيارات المتكررة ومنها زيارة الملك عبدلله فإن الاشقاء كانوا بخلاء كثيرا، أولا في قضية السجناء الاردنيين حيث تمّ الافراج عن مجموعة صغيرة بينما اعيدت مجموعة ثانية بعد ان بدأت اجراءات الافراج عنها، ويبقى أكثر من مائة مواطن اردني آخر بين محكوم أو معتقل بلا محاكمة او مختف لم يعترف بوجوده حتّى الآن. وثانيا في بقية القضايا الثنائية من المياه الى الشحن الى الحدود حيث يذهب الجانب الاردني بكل جديّة للتفاهم على ترتيبات محددة فيجد تسويفا ومماطلة. ولا ندري كيف ستسير الأمور بعد زيارة الرئيس الأخيرة، وقضية المختفين الثلاثة التي داهمتنا هي امتحان آخر.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
جميل النمري صحافة جريدة الغد