يا بلبل البلد الأمين ومؤنس الليل الحزين بمطرب الأصداء
غبرت وقائع لم تكن مستنشدا فيها ولا اسمك ماليء الأنباء
لكن بوحيك فاه كل مفوه وبرأيك استهدى أولو الآراء
هي أمة ألقيت في توحيدها أسا فقام عليه خير بناء
وبذرت في أخلاقها وخلالها أزكى البذور فآذنت بنماء
أما الرفاق فما عهدت ولاؤهم بل زادهم ما ساء حسن ولاء
وشباب مصر يرون منك لهم أبا ويرون منك بمنزل الأبناء
من قولك الحر الجريء تعلموا نبرات تلك العزة القعساء
لا فضل إلا فضلهم فيما انتهى أمر البلاد إليه بعد عناء
كانوا همو الأشياخ والفتيان والقواد والأجناد في البأساء
لم يثنهم يوم الذياد عن الحمى ضن بأموال ولا بدماء
أبطال تفدية لقوا جهد الأذى في الحق وامتنعوا من الإيذاء
سلمت مشيئتهم وما فيهم سوى متقطعي الأوصال والأعضاء
إن العقيدة شيمة علوية تصفو على الأكدار والأقذاء
تجني مفاخر من إهانات العدى وتصيب إعزازا من الإزراء
بكر بأوج الحسن أغلى مهرها شرف فليس غلاؤه بغلاء
أيضن عنها بالنفيس ودونها يهب الحماة نفوسهم بسخاء
تلك القوافي الشاردات وهذه آثارها في أنفس القراء
شوقي إخالك لم تقلها لاهيا بالنظم أو متباهيا بذكاء
حب الحمى أملى عليك ضروبها متأنقا ما شاء في الإملاء
أعظم بآيات الهوى إذ يرتقي متجردا كالجوهر الوضاء
فيطهر الوجدان من أدرانه ويزينه بسواطع الأضواء
ويعيد وجه الغيب غير محجب ويرد خافية بغير خفاء
أرسلتها كلما بعيدات المدى ترمي مراميها بلا إخطاء
بينا بدت وهي الرجوم إذ اغتدت وهي النجوم خوالد اللالاء
ملأت قلوب الهائبين شجاعة وهدت بصائر خابطي العشواء
من ذلك الروح الكبير وما به يزدان نظمك من سنى وسناء
أعدد لقومك والزمان مهادن ما يرتقون به ذرى العلياء
أليوم يومك إن مصر تقدمت لمآلها بكرامة وإباء
فصغ الحلي لها وتوج رأسها إذ تستقل بأنجم زهراء
المراجع
الموسوعة العالمية للشعر العربي
التصانيف
أدباء