زميلنا العزيز وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال الناطق باسم الحكومة راكان المجالي، قال إن الهتافات التي أطلقت من قبل حراك الطفيلة في الدوار الرابع «لا تندرج في سياق حرية التعبير، إنما جاءت في سياق الشوشرة» و «لم تكن معقولة»، وأنها «خرجت عن التقاليد العامة، وحصل فيها تجاوزات» مؤكدا أن الحكومة لن تمنع أي نوع من الاحتجاجات السلمية، وفي الوقت نفسه يقول أيضا إن قضية معتقلي الطفيلة في طريقها للحل، فيما تشير بعض المصادر إلى أنه سيتم اليوم الخميس الإفراج عن هؤلاء المعتقلين..
«الشوشرة» بتعبير الزميل العزيز لها وصف آخر بمعيار منظمة دولية مثل «هيومان رايتس ووتش» حيث تقول في أحدث بياناتها حول الأردن أن «المعارضة السلمية للنظام الحكومي أو الدعوة لاستبداله بآخر هو أمر يدخل في نطاق حرية التعبير التي يحميها القانون» وفي الوقت نفسه تدعو رئيس الوزراء د. عون الخصاونة إلى ضمان إسقاط جميع الاتهامات المتعلقة بممارسة الحق بحرية التعبير – لا سيما النقاش السياسي السلمي – عن النشطاء الـ 13 الموقوفين في الدوار الرابع، وكذلك النشطاء السبعة الموقوفين في الطفيلة قبل ذلك، وكل من اتهموا بهذه الاتهامات فقط. كما تطالب بتعديل قانون العقوبات حتى يصبح متسقاً مع التزامات الأردن المترتبة بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، بما في ذلك الالتزام بإلغاء المواد 149 و150 و157 و188 إلى 199، والتي تجرم التعبير السلمي عن الرأي والتجمع السلمي.
وبين «الشوشرة» و» النقاش السياسي السلمي» متسع من الرأي والاستخلاصات، ربما تفيد بإيجاد رؤية أكثر وضوحا لمستقبل البلد، لعلنا نجيب على السؤال الذي يواجهنا حيثما اتجهنا، وهو: لوين رايحين؟
لقد أكمل ما يسمى بالحراك الشعبي عامه الأول وبدأ عامه الثاني، وهو يخبو ويشتد موسميا، ولكن لا يوجد أية مؤشرات على أنه سينتهي، أو سيطوي الصفحة، بل إنه يأخذ مسارا يتسم بالديمومة، ولا ينكر أحد أن الدولة بمؤسساتها كافة تجاوبت مع هذا الحراك فاتخذت جملة من الإجراءات الكبرى، أملا بإقناع الناشطين بالكف عن نشاطهم، ولكنهم لا يكفون، بل إنهم صعدوا من «سقف مطالبهم» بخاصة بعد تغيير أسلوب التعامل الأمني معهم، وفي القراءة المفتوحة للمشهد، نستنتج أن أي «خشونة» في التعامل مع الحراك يواجهها تصعيد مفاجئ، بلا سقوف، ولا خطوط حمراء، ولا ننسى هنا أن الحديث عن الخطوط الحمراء ليس مقتصرا على أجهزة الدولة، بل إن لدى النشطاء أيضا معايير للخطوط الحمراء التي يعتبرون تجاوزها من الأجهزة الرسمية أيضا خطرا غير مسموح به، ويفتح المشهد على سيناريوهات متعددة، لا تحدها حدود..
طيب، لوين رايحين، وسط هذا التنافس على توصيفات الخطوط الحمراء؟
لقد فوت الأردن فرصة في استثمار الخيار المغربي، وهو نجح بمقدار كبير، ولكن ثمة مجالا لإعادة النظر في خيارات الدولة، لعبور منطقة الخطر، ومعرفة «لوين رايحين» وإن بدا أن ثمة صعوبة كبرى في النزول عند رأي الشارع، لكنني أقولها اليوم بنتهى الصراحة: ما يرضي الشارع اليوم، ربما لا يرضيه غدا، ولذا، حتى نعرف «لوين رايحين» لا بد من الاستماع الجيد لرأي بلورته تنسيقية أحزاب المعارضة في وثيقة مدروسة، وضعت خلاصة تستحق الدراسة لعل فيها ما يؤشر على انتهاج أسلوب مختلف قد يسهم بسلوك مسار آمن للمستقبل، وقد أجملت وثيقة التنسيقية مطالبها بما يلي: - تعديل المادة 34 من الدستور بحيث يتم تحصين مجلس النواب من الحل إلا بانتهاء مدته الدستورية. - تعديل المادة 35 من الدستور يحيث يتم تكليف كتلة الأغلبية بتشكيل الحكومة. - تعديل المادة 36 من الدستور بحيث يتم انتخاب مجلس الأعيان أو الغاء دوره التشريعي. إضافة لتنفيذ إصلاح اقتصادي ذي مغزى، يسهم باسترجاع الثروات الوطنية المنهوبة، والإصلاح الضريبي، والاهتمام بالأبعاد الاجتماعية للتنمية الاقتصادية والاستجابة للمطالب المعاشية والاجتماعية للناس، والدفاع عن قضايا العمال وحقوقهم.
قد تبدو هذه المطالب «عالية السقف» ولكنها تقف في منطقة متوسطة، بين «الشوشرة» و»النقاش السياسي السلمي»
|
المراجع
addustour.com
التصانيف
صحافة حلمي الأسمر جريدة الدستور العلوم الاجتماعية
|