الاحتلال الصهيوني اعتقل ما يقارب خمس الشعب الفلسطيني، ويندر جدا أن تجد عائلة فلسطينية لم يمر أحد أعضائها بتجربة الاعتقال، وقضية الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين من القضايا التي تكاد تكون منسية في الإعلام العربي، ولربما يتذكرها البعض في يوم الأسير، الذي يوافق غدا 17 نيسان، وقد بدأ الفلسطينيون بإحياء هذه الذكرى منذ 17/4/1974، وهو اليوم الذي أطلق فيه سراح أول أسير فلسطيني (محمود بكر حجازي) في أول عملية لتبادل الأسرى بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي. ويقدر عدد عمليات الاعتقال ضد الفلسطينيين منذ عام 1967 (800.000) أي أكثر من 20% من أبناء الشعب الفلسطيني قد دخلوا سجون الاحتلال لفترات وطرق مختلفة. وخلال انتفاضة الأقصى التي اندلعت في أيلول 2000، وصل عدد حالات الاعتقال إلى أكثر من أربعين ألف عملية اعتقال لا يزال أكثر من 8000 معتقل داخل سجون الاحتلال، حسب بعض التقديرات، موزعين على أكثر من 27 معتقلاً، ومعسكرات لجيش الاحتلال، ومراكز توقيف وتحقيق.

ومع اقتراب يوم الأسير الفلسطيني، اعلن الأسرى قبل أيام في وثيقة بعنوان: «العهد والوفاء» انهم حددوا يوم غد موعدا لبدء اضراب مفتوح عن الطعام في مواجهة سياسة الاذلال والتضييق التي تفرضها ادارة السجون، وسعيا لتحقيق مطالبهم العادلة بما في ذلك الغاء الاعتقال الاداري والممارسات التعسفية ضدهم كالعزل والتعذيب وتوفير علاج ملائم للمرضى وضمان تمكن الاسير من اكمال تعليمه... وغيرها من المطالب، في الوقت الذي يتواصل فيه اضراب عشرة أسرى منذ اكثر من عشرين يوما، بالتزامن مع تصعيد اسرائيل من ممارساتها القمعية والتعسفية ضد آلاف الاسرى في مختلف السجون.

والسؤال الذي يطرحه المعنيون بقضية الأسرى، هو: ما الذي يتوجب عمله فلسطينيا وعربيا ودوليا من أجل نصرة الأسرى والوقوف الى جانبهم في معركتهم الحاسمة، معركة الارادة والأمعاء الخاوية؟ وكيف يمكن الحفاظ على الزخم الذي تسارع مؤخرا بالاضراب الملحمي الذي خاضه الاسير خضر عدنان لمدة 66 يوما ثم تلاه الاضراب الذي خاضته الاسيرة هناء الشلبي لاكثر من 43 يوما قبل ان تبعدها سلطات الاحتلال الى قطاع غزة؟

إن اعلان الأسرى الجديد في وثيقة «العهد والوفاء» يعني اننا امام منعطف حاسم ومصيري بشأن قضية الأسرى وهو ما يتطلب جهدا مضاعفا وتحركا اوسع على كافة الأصعدة، وتقع على عاتق الإعلام العربي ومنظمات حقوق الإنسان، مهمات جسيمة في استثمار هذه المناسبة لإثارة هذه القضية العادلة بكل السبل الممكنة.

وبين ذكرى اعتقاله ويوم الأسير الفلسطيني ، يكتب أقدم أسير فلسطيني نائل البرغوثي (68 سنة) على جدران سجنه تاريخ يومه الاعتقالي الجديد ، ويقول في رسالة كتبها لهذه المناسبة:

«هذه نبضات قلب أسير أهديها للشعب والأمة وأحرار العالم ليكونوا معنا نحو تحقيق الخلاص، وأحلام الحرية التي بدأت تتردد أصداؤها في العالم العربي». ويذكر أن الأسير البرغوثي من مواليد 23-10- 1957، وقد تم اعتقاله من مقاعد الدراسة، ورحلت والدته وهي تحلم بتحرره والفرح بزفافه. وهو يعتبر يوم الأسير مناسبة مهمة لقضية الأسرى، حيث يقول « علينا أن نحول المناسبة لعملية نضالية مستمرة حتى كسر قواعد اللعبة، والاحتكار الذي تمارسه حكومة الاحتلال لتتحكم وتتلاعب بالأسرى الذين يستحقون تكريمهم بحرية وبلا استجداء، لأنهم ضحوا في سبيل الكرامة ولن يعيشوا سوى أحرارا وبكرامة، ونحيي جماهير شعبنا الداعمة لنا ونعاهدهم بأن موعد اللقاء قريب «.

نأمل أن تصل كلمات البرغوثي والآلاف من الأسرى إلى عقول وقلوب كل من يستطيع أن يفعل شيئا ولو كان صغيرا، انتصارا لهؤلاء الأبطال..


المراجع

addustour.com

التصانيف

صحافة  حلمي الأسمر   جريدة الدستور   العلوم الاجتماعية