لم أعثر طيلة الفترة الماضية على شخص واحد يشعر بالرضا التام عن قانون الإنتخاب إلا الحكومة وعدد من النواب، أما الحكومة فموقفها مفهوم، أما النواب فبعضهم يظهر خلاف ما يبطن، ويشعر بغبطة وفرح بعد تثبيت مبدأ الصوت الواحد، لأنه سبيلهم للعودة إلى تحت القبة، كأن مصلحة وطن كامل اختزلت على مقاس شخص، أو شخوص
قيل في الصوت الواحد أكثر ما قال مالك في الخمر والمخدرات وحبوب الهلوسة مجتمعة، وسمعنا نقدا مريرا ولاذعا لهذا المبدأ من مسؤولين رسميين اعترفوا – وإن ليس في العلن- أن هذا المبدأ خرب البلد وفتت العشائر، وأشاع العنف المجتمعي، والجامعي، وأعاد الأردن سنوات إلى الوراء، ومع هذا كله نراه وقد أطل مُخرجا لسانه للجميع، كأنه مبدأ مقدس، وهاجس من أعادوه إلى الحياة، وقد كنا نحسب أننا دفناه، هو منع حصول الإسلاميين على الأغلبية في البرلمان، وما علموا أن كل تدابيرهم لن تنفع، سواء بصوت واحد أو بنصف صوت، وما علموا أيضا، أنهم بتدابيرهم المكشوفة هذه، تزداد صورتهم سوءا عند الناس، زيادة على سوئها وبؤسها |
الوطن ليس مزرعة، والتشريع ليس دشداشة يتم تفصيلها على طول فلان، أو جسم علان، ومن يفكر بهذه الطريقة مآله إلى زوال، وقد حسب البعض من قصار النظر أن «الربيع» دخل مرحلة الخريف على حين غرة، وعليه فقد هيء لهم أنه لم يعد من ضرورة للاستماع لرأي الناس، وأناتهم وصرخاتهم، ولا لإصلاح أو غيره، وأن الخيار الأمني هو الحل، وكل هذا وهم وباطل، لأن حركة الشعوب وزحفها نحو الضوء لم يتوقف، ولن يتوقف، قد يُبطىء أحيانا، وقد يتعثر، لكنه ماض إلى غايته، فلا يفرحن أحد بانتكاسة هنا، أو سقطة هناك، فالقطار متحرك، ويتوقف عند محطاته تباعا |
قانون الإنتخاب الآن في طريقه إلى إعادة النقاش تحت القبة، وأحسب انها الفرصة الأخيرة لإنقاذ الإصلاح في الأردن، وستعلمون صدق ما اقول، واملي أن لا تضيع هذه الفرصة، لأن الندم سيغدو بحجم الكارثة، ما تسرب صحفيا حتى الآن، يقول أن التعديل الذي أقرته الحكومة على قانون الانتخاب، اقتصر على عدد المقاعد المخصصة للقائمة النسبية، وثمة من يقول أن التعديل سيشمل فقط رفع عدد القائمة الوطنية بمعدل عشرة مقاعد فقط، وهذا التعديل لا معنى له، وهو يعني إعطاء كسرة خبز لمن يعاني من فقر دم مزمن، إن أي تعديل لا يضع نهاية للصوت المجزوء لا معنى له، فهو تكريس للنهج المتبع منذ عام 1993م، وهو نهج مدان ومرفوض من قبل غالبية الناس، وأحسب أنه لا سبيل لمشاركة واسعة من قوى المجتمع في الانتخابات النيابية إلا باعتماد نظام انتخابي يتفق والمعايير الديمقراطية، وثمة شبه إجماع على أن الصيغة المقبولة والمحفزة على المشاركة في هذه المرحلة هي النظام المختلط، الذي يجمع بين القائمة النسبية الوطنية، والدوائر الانتخابية المتوازنة، التي تراعي الأبعاد السكانية والجغرافية والتنموية، وتمكن الناخب من انتخاب عدد من المرشحين مساو للمقاعد المقررة للدائرة، وبنسبة 50% لكل منهما. وبغير هذا، عظم الله أجركم في الإصلاح |
المراجع
addustour.com
التصانيف
صحافة حلمي الأسمر جريدة الدستور العلوم الاجتماعية
|