فقط ثلث الأردنيين في سنّ العمل يشتغلون؛ أي أن كل واحد يعيل اثنين, وإذا حسبنا من هم دون سنّ العمل فالواحد يعيل خمسة، ويساهم في تدني النسبة ان 12% فقط من النساء في سنّ العمل يعملن ويحصّلن دخلا.
وبهذه النسب نكون اقلّ الدول العربية نسبة في عدد العاملين الى مجموع السكّان, هذا مع العلم أن نسبة العرب هي الأدنى دوليا. وتصل النسبة في جنوب شرق آسيا الى 85%.
وإن المرء ليفكر كيف يمكن الحفاظ على مستوى معيشة معين بهذه النسب وهي توازي
نصف النسبة في سورية والمغرب العربي.
ربما يكون للمغتربين دور كبير في رفد الاقتصاد الوطني والاستهلاك، ربما يلعب التعليم دورا في وجود نسبة كبيرة في سنّ العمل ولا تعمل, فلدينا اعلى نسب تتواجد على مقاعد الدراسة في الجامعات, و60% من هؤلاء من الفتيات وهذا بالتأكيد مفخرة, لكن الجانب
المخيف ان هذا الانفاق على تعليم الفتيات يذهب هدرا ما دامت نسبتهم في سوق العمل هي ما ذكرناه آنفا.
من العبث الحديث عن تنمية وتقدم, اذا لم نضع نصب أعيننا إحداث تغيير جذري في هذه النسب, وهي ليست مسألة خطط اقتصادية فقط بل تغييرات اجتماعية عميقة.
المهم، بهذه الخلفية للمشهد بدأ د. عمر الرزاز حواره مع الكتاب الصحافيين حول قانون الضمان الاجتماعي الجديد يوم أمس. ولعل هذه الأرقام تستدعي على الفور واحدة من القضايا الخلافية في قانون الضمان وهو رفع سنّ التقاعد وسنّ التقاعد المبكر، وتحمس بعض الزملاء للقول إنه يجب أن لا نلجأ الى التدرج بل اتخاذ قرار حاسم برفع السنّ الى ستين عاما, فدون ذلك لا معنى للإحالة إلى التقاعد, وحسب تعبير أستاذنا طارق مصاروة لا يمكن القفز عن الهوة بخطوتين.
لا يتسع المجال في هذه العجالة للتعريج على مفاصل القانون وهو موضع حوار مكثف الآن على كلّ المستويات, وهناك مستجدات كثيرة جيدة مثل دخول كل الأفراد في الضمان الاجتماعي بما في ذلك الشركات التي لديها اقلّ من خمسة موظفين، وحق ربّات البيوت ايضا في الاشتراك بالضمان بوصفهن عاملات, ولم يتسنَّ أن نسأل من يدفع حصّة رب العمل في هذه الحالة وهي ضعف حصّة العامل.
لكن المبدأ ممتاز, وفي بعض الدول يحتسب العمل المنزلي لربّات البيوت في الناتج الوطني الاجمالي. ورأى البعض أن ادخال التأمين الصحي يثقل كاهل الضمان بصورة خطيرة، لكن كيف نقبل أن شخصا له تأمين صحّي ثم حين يحال إلى التقاعد ويصبح في المرحلة والسنّ التي يكون فيها أحوج ما يكون للرعاية يفقد التأمين الصحي!
 التقاعد العسكري هو مشكلة عويصة, إذ ان العسكريين يتقاعدون شبابا ولا يتحمل الضمان ذلك, لذا سينشأ صندوق خاص تمول الحكومة فروقاته, لكن كما قال رئيس الوزراء "هاي اذني وهاي اذني", فنحن لا نحلّ مشكلة المال العام, وربما يتطلب الأمر جرأة في معالجة السنّ التقاعدي للعسكرين.
القضيّة الرئيسية التي تحدد موقف الجمهور العريض من القانون هي التالي: هل يحافظ القانون على مستوى تقاعد العاملين أم سينخفض بنسبة هي بحسبة البعض تراوح بين 20 الى 40 بالمائة؟ مدير عام الضمان يتحدّى أن المشتركين الذين تقلّ رواتبهم عن 700 دينار وهم يمثلون 95% من مشتركين لن تنزل رواتبهم التقاعدية, بل إن الرواتب الدنيا سوف تتحسن نسبتها.
وللحديث صلة.

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

جميل النمري  صحافة  جريدة الغد