وفق احصائيات السير انخفض العدد الاجمالي للحوادث، وكذلك عدد الوفيات مقارنة مع الفترة نفسها، أي الأشهر الخمسة الأولى، من العام الفائت، هذا مع أن العام الفائت كان سنة مميزة لجهة الانخفاض نتيجة الحملة الشاملة التي بدأت بعد حوادث مأساوية روعت البلد.
هناك، كما هو واضح، تحسين مستمر في مكافحة الحوادث، لكن الاصلاح في بعض المجالات لم يحقق تقدما وخصوصا في مجال ربط رسوم التأمين صعودا ونزولا بسلم متحرك مع عدد الحوادث وخطورتها. وقد حسم مؤخرا رئيس الوزراء الخلاف بين شركات التأمين وادارة السير حول الآلية التي يجب اتباعها, فقد رفض الرئيس "تحرير" رسوم التأمين الالزامي لتخضع للمنافسة، وهي الصيغة التي تريدها الشركات للربط مع الحوادث، وأصرّ على أن يبقى الرسم موحدا ثابتا، وأن تضع الشركات نسب زيادة على الحوادث فقط.
لا ندري ماذا بالنسبة للتأمين الشامل، ونحن عموما نفضل استخدام تعبير السلم المتحرك صعودا ونزولا، وليس صعودا فقط ارتباطا بالحوادث مع شركات التأمين وارتباطا بالمخالفات لرسوم الترخيص في دائر السير.
يبقى هناك آلية لم تتغير من العهد العثماني، وربما لم يعد هناك من مكان غير الاردن تستمر فيه، وهي تعكس تواطؤا مقصودا أو غير مقصود بين السير وشركات التأمين، إنه نظام الكروكا الذي يفرض ضريبة باهظة وغير مبررة على وقت الناس وأعصابهم وعلى حركة السير ويلائم العديد من شركات التأمين التي تريد التهرب من التزاماتها.
إذا وقعت بحادث غير خطير في طريقك إلى موعد، وكنت مشغولاً وتتصرف "على طريقة الجنتلمان" فإنك سوف تدفع للطرف الآخر فورا ما يعتقد هو أنه ضروري للتصليح حتى تتمكن من إكمال مشوارك. وإذا اعترف هو أن الحق عليه فسوف تسامحه لأنك لست مستعدا للدخول في مساومة، ولا طلب نقود. أمّا اذا قررت أن تعمل (كروكا) لكي تتمكن من مراجعة التأمين، فعليك أن تتنظر ساعة أو ساعتين، ولن تقنع الطرف الآخر بتحريك السيارة خارج الطريق ويبدأ المسار السقيم الذي يأخذ يومك للوصول الى موافقة شركة التأمين، وستدفع مخالفة ورسما اوليا لشركة التأمين وخصم نسبة تصاعدية للاستهلاك على قطع الغيار، وتكتشف أنك تكلفت نصف المبلغ، وكنت مستعدا لدفعه كله تجنبا لهذه (البهدلة).
في العالم الذي يحترم الوقت والناس، ما يترتب على الحادث هو أن يتبادل السائقان خلال نصف دقيقة المعلومات ويمضي كل الى عمله، وفي الاثناء يتصل بشركة التأمين، الذي يستلم من صاحب العربة نموذجا يتضمن المعلومات ويأخذها ثم يعيدها له جاهزة!
هكذا ببساطة، وعن أي زمن أتكلم؟ أتكلم عن الأمور كما شاهدتها قبل نيف وثلاثين عاما! فهل سنمضي هنا ثلاثين عاما أخرى على نظام" الكروكا" العتيد!

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

جميل النمري  صحافة  جريدة الغد