هناك قناعة تتسلل تدريجيا في أوساط القرار أننا وصلنا الى آخر الشوط مع الصيغ القديمة، وأن الدولة ما عاد ممكنا أن تبقى حبيسة القديم المتهالك والمتخلف، ويكفي النظر الى تجربة البرلمان الحالي بعد عامين على الانتخابات للخروج بقناعة أنه ما عاد مقبولا البقاء على النظام الانتخابي نفسه لإعادة انتاج نفس النمط من النيابة، وانعكاساتها على الاداء العام، بما في ذلك اداء الحكومة.
كانت الانتخابات الماضية غلطة لا يجوز أن تتكرر، وقد نضجت قناعة أن الأفكار الإصلاحية التي اجهضت تكرارا في الماضي يجب اعادتها الى الطاولة من جديد.
لقد وصل الضيق بالوضع القائم الى انتشار إشاعة حلّ البرلمان بقوّة، ومع أن لهذه الاشاعات اساسا في تقييم أوساط القرار لواقع البرلمان الحالي، فالتغيير يمرّ بالضرورة بقانون انتخاب مختلف، وهو أمر ما يزال قيد النظر.
قبل الانتخابات النيابية يمرّ مشروع الإصلاح بمحطّة اللامركزية الادارية، وهذا منطقي تماما أي البدء من القاعدة وعليه تمّ تعديل رزنامة الأحداث، فبدل أن تكون المقترحات رزمة واحدة للتطبيق العام 2011، مع موعد الانتخابات النيابية، سوف يتم تقريب الآجال ليكون العام 2010 هو عام تطبيق اللامركزية وانتخابات مجالس المحافظات.
وكان التأجيل مرتبطا بضعف القناعة بمشروع الأقاليم بالإضافة إلى ما يتطلبه من إعادة هيكلة في الدولة وإنشاء طبقة كاملة جديدة من المناصب الوسيطة وتغييرات في عشرات القوانين، لكن مع اقرار فكرة اللامركزية على مستوى المحافظات أمكن تبكير البرنامج، وسيكون القانون جاهزا للدورة العادية القادمة. وتعكف اللجنة الوزارية على وضع تفاصيل المشروع.
اطلعت من وزير الدولة للشؤون القانونية على ملامح المشروع، وهو المكلف بصياغة ما يتمّ التوافق عليه، والحقيقة أن هناك تطويرا جوهريا يمس المحافظات والبلديات معا ويشبكهما، في اطار الحكم المحلي، الذي ستتولاه هيئات تنفيذية ادارية وتشريعية منتخبة.
وحتى أمس كانت الصلة بين المحافظة والبلدية معدومة تقريبا، والآن ستصبح البلديات اضافة الى دورها المعروف وفق قانون البلديات جزءا مشاركا في الحكم المحلي على مستوى المحافظة، وستتمثل على المستوى التنفيذي والتشريعي عبر المجلسين التنفيذي والتشريعي للمحافظة، حيث يضم المجلس التنفيذي مديري الدوائر الحكومية ومديري البلديات الرئيسية، والمجلس المنتخب سيضم عشرين عضوا منتخبا مباشرة من ابناء المحافظة، وعشرة من ممثلي القطاعات بما فيها البلديات.
ويبقى النظام الانتخابي لهذه المجالس عنصرا رئيسيا مكملا للنهوض بالتنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية. هناك نظام مجرب يشدّ الى الوراء، والتحدّي هو اجتراح نظام جديد يدفع الى الأمام، وهذا هو أحد مواضيع النقاش الذي يجري على نار هادئة إلى جانب محاور اخرى سيكون من بينها قريبا قانون الانتخابات النيابية.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
جميل النمري صحافة جريدة الغد