يدفع المواطن ضريبة على مداواته من المرض والأصل ان يحصل على اعفاء ضريبي  على ما ينفقه على العلاج. نتحدث عن ضريبة المبيعات على الأدوية والتي تقود نقابة الصيادلة الآن تحركا لإلغائها بمناسبة تحويل قانون الضريبة على المبيعات الى مجلس النواب.
مشروع القانون لا يحوي جديدا باستثناء بعض التعديلات الفنّية والادارية وهو بالأصل لم يكن المستهدف بالتعديل لكنه كان يشترك بقانون واحد مع ضريبة الدخل المقصودة بالتغييرات التي تشمل دمج وتوحيد الضرائب وتخفيض سقفها التصاعدي, وعليه فقد تمّ اعادة فصل الضريبة على المبيعات والضريبة على الدخل في قانونين منفصلين.
بعكس الضريبة على الدخل لن تشهد الضريبة على المبيعات أي تخفيض والآن يقترح الصيادلة جعل الأدوية معفاة من ضريبة المبيعات ومن المؤكد ان عموم المواطنين يؤيدون ذلك. هل نرى هذا المطلب مبررا؟!
هناك سلع معفاة من الضريبة لأنها تمثل احتياجات اساسية للمواطن فما موقع الدواء؟ الدواء ليس سلعة اختيارية لا كمّا ولا نوعا، بل إنه ليس سلعة استهلاكية بالمعنى المتداول. فلا أحد يشتريه طوعا على الإطلاق، ولذلك فهو الأجدر بالإعفاء من ضريبة المبيعات قبل أي سلعة أخرى وكان من الخطأ بالأساس فرض ضريبة مبيعات على الدواء.
وتفرض ضريبة مبيعات 4% على الأدوية وترتفع على الفيتامينات الى 16%, وحسب الاحصائيات تحصل الخزينة من 4 الى 5 ملايين دينار من هذه الضرائب وهو ليس بالمبلغ الكبير في حسابات الخزينة، ومشروع قانون ضريبة الدخل الجديد يحتوي تخفيضات بأضعاف عشرات هذا المبلغ، بل إن التخفيض على البنوك فقط سيفقد الخزينة عشرات اضعاف هذا المبلغ فهل نسخى على البنوك ولا نسخى على المرضى!
وهناك الحجّة التي تقول إن هذا الإعفاء تستفيد منه شركات التأمين لأن معظم المرضى يستفيدون من أحد أشكال التأمين، لكن تستطيع الدولة ان تفرض أو هي تفرض ضريبة مبيعات على الخدمات التأمينية، ثم إن نسبة مهمة من العلاج يشتريه المواطنون من الصيدليات مباشرة وبعض الفيتامينات تصرف كعلاج أساسي لكثير من الأمراض، وهي ايضا متطلب اساسي للنساء الحوامل، ولا معنى لمعاملتها كسلعة كمالية الا اذا جاءت ضمن العبوات المخصصة لاستخدام الرياضيين وكمكمل غذائي.
وهذه الضريبة تشكل عبئا محاسبيا على الصيدليات الصغيرة يفوق احيانا قيمة الضريبة نفسها, فأية صيدلية صغيرة لا تحتمل توظيف أكثر من مساعد صيدلي الى جانب صاحبها لكنها لغايات حساب ضريبة المبيعات تضطر لتوظيف محاسب لا تقل كلفته السنوية عمّا تدفعه الصيدلية لضريبة المبيعات, وفي فترة سابقة اقترح اصحاب الصيدليات تضمين الضريبة سلفا في فاتورة المستودعات لتخفيف العبء المحاسبي, ولم يجدوا أذنا صاغية, والآن وقد عاد القانون الى مجلس النواب فالوقت مناسب لتصويب هذا الخطأ وإلغاء الضريبة على الدواء.

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

جميل النمري  صحافة  جريدة الغد