أمس كان يوم التعاون الدولي الذي تحتفل به الجمعيات والمؤسسات التعاونية في العالم. وقد بدأ حلف التعاون الدولي الذي نشأ عام 1895 الاحتفال بهذا اليوم منذ العام 1923 وتحول منذ العام 1995 الى يوم معترف به من الأمم المتحدة.
لم أكن سألتفت الى هذه المناسبة لولا أن الصديق الدكتور أحمد مسعود، مدير عام المؤسسة التعاونية الأردنية طلب مني المشاركة في هذا اليوم عريفا للحفل.
وقد درجت المؤسسة والاتحاد التعاوني على إقامته كل عام في إحدى المحافظات، وهذا العام كان من نصيب المفرق في جامعة آل البيت التي تستضيف كثيرا من الأنشطة العامّة في المحافظة.
هذا القطاع، أعني الاقتصاد التعاوني كان يحظى برعاية خاصّة ويقدم كبديل انساني للنموذجين الرأسمالي والاشتراكي؛ فهو يقوم على الملكية الخاصّة، لكن المشتركة وليس الفردية. ولعله لم يتحول في اي يوم، رغم التغني به، إلى قطاع مهيمن أو موجه للاقتصاد.
المؤسسات التعاونية كانت تفشل أو تنجح وفق همّة اعضائها، وهناك قصص نجاح كثيرة، مثل قطاع مربي الأبقار حيث ينتج القطاع التعاوني 80% من الحليب لمصانع الألبان والاستخدامات الأخرى.
غير أن الأزمنة الأخيرة جعلت منه قطاعا عجوزا منسيا، فمع الأرقام التي تدير الرؤوس في البورصة والاتصالات والاستثمارات العقارية من يهتم بمشاريع الكفاف التعاونية! في هذه الأجواء امتدت الأعناق فوق السحاب حيث الفرص الفريدة والسريعة، ومواطنو القرى الشمالية الذين لا يشتهرون بالبذخ والمغامرة بالمال أخرجوا كل حيلتهم وقذفوا بها الى محرقة البورصات الوهمية، وخلال عامين كانوا قد فقدوا 250 مليون دينار تخص عشرات الآلاف من الأسر التي فقدت كل شيء.
البورصات الوهمية المحلية هي احتيال ونصب صريح، لكن الثروات الرقمية الفلكية في الأسواق العالمية غير المستندة الى أصول حقيقية هي التي ولدت الأزمة العالمية، وأطاحت بمعيشة ملايين الأسر.
الأزمة أعادت الاعتبار لدور الدولة في الاقتصاد، فها هي الولاية العامّة والمال العام يضطران لاستملاك مؤسسات كبرى لإنقاذها، وتضع الحكومات أسسا جديدة للرقابة تمنع الانحراف وتتيح التدخل والتوجيه، لأن السوق كما ثبت لا "يصحح نفسه بنفسه" بالضرورة.
نفترض أن الأزمة قد أعادت الاعتبار لأشكال من النشاط الاقتصادي، في مقدمتها النشاط التعاوني، حيث التوظيف الحقيقي المشترك للرأسمال الصغير في انتاج السلع والخدمات وتوسيع المشاركة والتشغيل.
انطباعنا، عن بُعد، أن هذا القطاع شهد تراجعا، ويحتاج إلى الاهتمام والدعم مجددا. يوجد في الأردن 1182 جمعية تعاونية تضم 124 ألف عضو، وأكثرها عددا جمعيات متعددة الأغراض، ولعلها تضم الجمعيات والدواوين العائلية تليها التعاونيات الزراعية، ثم الإسكانية ثم النسائية، ولا ندري نسبة الجمعيات الفعّالة، وهناك قطاعات لا وجود للمؤسسات التعاونية فيها.
لا شك أن الصيغ التعاونية يمكن أن تتوسع إلى العديد من المجالات، إذا توفر الدعم والتوجيه الحثيث، وأبسط مثال هي التعاونيات الاستهلاكية الناجحة في الكثير من البلدان؛ لكن أيضا في مجالات الإسكان والتسويق والمشاريع البيئية الطليعية، والكثير غيرها، يمكن للقطاع التعاوني أن يلعب دورا رئيسيا.

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

جميل النمري  صحافة  جريدة الغد