في ظلّ ما يدور من حديث عن استحقاقات قادمة للتسوية بخصوص ملف اللاجئين.. هل يمكن الخوض في حوار وطني صحّي حول الحلول المطروحة بوصف الشعب بشقيه "المهاجرين" و"الأنصار" هو صاحب الشأن والمصلحة المعني بإبداء الرأي في تلك الحلول؟!
على ما رأينا عند النائب المخضرم فخري اسكندر صديق الإعلاميين الحميم من "كل المنابت والأصول" وقد استضافهم على عشاء في بيته العامر في الفحيص بحضور رئيس مجلس النواب المهندس عبد الهادي المجالي فالجواب بكلمة واحدة هو.. لا!
صحيح أن الخلاف مهما احتد لا يفسد للمنسف قضيّة، ففي النهاية يلتف الجميع بنفس الطريقة ونفس الاقبال حول السدور العامرة تتوسطها رؤوس مرفوعة باعتزاز، بينما الأيدي تغوص في المحيط  العامر بالأرز واللحم والشراب، فيستمر الحوار بين الجدّ والمزاح بضمانة كاملة للسلم الأهلي من هذا الرمز الوطني. لكن يبقى السؤال هل هناك فرص للتوافق والاتفاق وبالتالي بما يعطي معنى وجدوى للحوار غير توتير الأجواء؟
بدأ الحوار حول موضوع الساعة بالطلب الى رئيس مجلس النواب التعليق على الأخبار التي تتردد عن صفقة محتملة أو تفاهمات بين الأردن والولايات المتحدة تشمل حجم التعويضات وأعداد الذين سيتمّ توطينهم..الخ.
المجالي نفى علمه بأي شيء من هذا القبيل ونفى احتمال وجود مثل هذه التفاهمات التي لا بدّ لرجل في موقعه أن يكون بصورتها، لو حصلت، وأن ما يطلع عليه من مواقف القيادة والحكومة يقول إن الأردن لن يقوم بأي عمل تفريطي، وكل ما يمكن التوصل له لن يكون الا جزءا من التسوية الشاملة المتفق عليها فلسطينيا وعربيا والمستندة الى مبادرة السلام العربية. وهو في النهاية قال إن الزمن الذي تحسم فيه الأمور من وراء الناس ولّى وفي النهاية، فكل اتفاق يجب ان يعرض على مجلس ممثلي الشعب لإقراره.
وطُلب من الزميلين سلامة نعمات القادم للتو من الولايات المتحدة ود. حسن البراري المتخصص بالشؤون الاسرائيلية تقديم رأي حول ما يجري عند الطرفين، وفي التعقيب تداخلت الآراء وغالبا توحدت حول قضايا مثل ايران والعراق، لكن حالما تحول الحوار إلى اللاجئين وحق العودة والمواطنة والتوطين فإن الاستقطاب كان حاسما كما لو أن مغناطيسا يفرز الجميع على الفور بين قطبين فرزا عابرا لكل التلاوين اسلامية او يسارية أو ليبرالية أو قومية أو وطنية.
فمن جهة طرف يرى في الضغوط من أجل الحقوق السياسية للمواطنين من أصول فلسطينية والتوسع في التجنيس ارتباطا وثيقا بدفن حق العودة وبمشاريع التوطين والوطن البديل خصوصا مع تراجع فرص قيام دولة فلسطينية حقيقية وقابلة للحياة.
وطرف ثان يرفض هذا الربط ويستنكر المخاوف، ولا يرى تناقضا بين الحقوق هنا وهناك. ويظهر على الفور أننا أمام "حوار طرشان" لن يقود أبداً إلى نتيجة، فلا أحد يريد أن يرى الأمور بعين الطرف الآخر.
وقد تباينت الآراء حول الحوار نفسه، جدواه وضرورته، فالبعض يرى أنه يساهم فقط في توتير المناخ الداخلي و"الوحدة الوطنية المقدسة"، التي نعيش في كنفها، وآخرون يرون في الحوار ضرورة وجدوى أكثر من "دفن الرأس في الرمال"!

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

جميل النمري  صحافة  جريدة الغد