تماما كما أن مصر للمصريين وسورية للسوريين فإن الأردن الشقيق للأردنيين. بهذه الرسالة الموجهة الى الأشقاء عبر النهر أراد محمود عباس الردّ ضمنا على الصخب بشأن موضوع اللاجئين والتوطين والوطن البديل، ويتكامل  هذا الاعلان الحاسم مع تعقيب جلالة الملك الصارم قبل ايام على جدل كان يسمم الجو الداخلي ويحرف الصراع بعيدا عن ميدانه الحقيقي مع الاحتلال. وقد شدّد عباس على أن فتح ترفض بالمطلق مشاريع دولة ذات حدود مؤقتة ومشاريع التوطين والوطن البديل وقال إن الشعب الفلسطيني فخور بوطنه الذي قدم من أجله مئات ألوف الشهداء والجرحى "فلا وطن لنا الا هذا الوطن وستبقى جذورنا راسخة فيه ولن نتخلى عنه مهما كلفنا ذلك من تضحيات". هذا ليس مجرد كلام يقال اذ أن له ترجمة عملية بالكفّ هنا عن مقولات تخيف الأردنيين وتهين الفلسطينيين.. نقصد مقولتَي التشكيك بنوايا هيمنة فلسطينية على الأردن والشكوى من حقوق فلسطينية منقوصة في الأردن.
الى جانب هذا قدم عباس في مؤتمره الصحافي أجندة فلسطينية متماسكة وواضحة تكتسب وزنا جديدا بخروج الرئيس من المؤتمر زعيما قويا لفتح وللشعب الفلسطيني. وإذ جمعت فتح حطامها في المؤتمر السادس وخرجت منه موحدة متجددة قويّة، فإن الأداء الفلسطيني العام مرشح للتحسن حتّى لو أن ذيول الاشكالات التي شهدها المؤتمر بقيت تجرّ نفسها كشأن داخلي لبعض الوقت.
البعض رجّح بعد المؤتمر إقالة حكومة فياض وعودة فتح لقادة الحكومة ونحن ننصح فتح بعكس ذلك فهي تحتاج لاستعادة مصداقيتها بعيدا عن السلطة والمسؤوليات التي تجرّ اتهامات وإشكالات وصراعا على الامتيازات ويجب الاستثمار لبعض الوقت في البناء الداخلي والتواصل الشعبي وأيضا ترميم مؤسسات منظمة التحرير ومتابعة الحوار الوطني. ونناشد عبّاس بشدّة إبقاء حكومة مستقلّة تستطيع أن تحظى بشرعية افضل ما دام الانقسام قائما وفتح لا تملك شرعية الأغلبية البرلمانية.
أمّا بالنسبة للحوار الوطني فيبدو وكأن حماس تستشعر أنها أقدمت على فعلة مشينة عزلتها وعززت فتح وتماسكها الداخلي فعادت أكثر رغبة وإلحاحا لاستئناف الحوار، وقد يكون الهدف مسح ما علق بسمعتها وصورتها، لكن الإجابة ليست الرفض على كل حال بل اشتراط مشاركة الجميع وآلية صارمة تقبل التحكيم المصري والعربي في أي بند خلافي، وفي نهاية المطاف يجب أن تكون الانتخابات الرئاسية والتشريعية هي الحلّ والحكم.
 شكل المقاومة الممكنة هو تحدّ مطروح على حماس بقدر فتح، فكلاهما في السلطة وملتزم بعدم اطلاق النار فماذا في برنامج حماس الآن غير إدارة سلطة غزّة؟! وأخيرا يقول الزهار إن حماس تقبل حضور مؤتمر سلام فهل يقصد كجزء من وفد فلسطيني أم بوفد مواز أم بديل؟! لم يعد هناك أي تبريرات مقنعة وطنيا لإدامة الانقسام.

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

جميل النمري  صحافة  جريدة الغد