بمناسبة الحديث الحكومي "المشوق" عن الحاجة لوجود مجلس نواب "قوي وفاعل ومؤثر"، كما جاء نصاً على لسان الناطق الرسمي باسم الحكومة د. نبيل الشريف، وجدتني أتحمس وأركب الموجة الحكومية وأوغل في التفاؤل، وأدعو الى تعديلات دستورية تخدم الرغبة الحكومية النبيلة أو "النبيلية".
التعديلات المقترحة بسيطة وأهدافها سليمة وليس فيها مضامين "ثورية" أو "انقلابية". وأحسب أن غالبية الأردنيين، في الحكم وفي المعارضة، يؤيدونها. إنها تستهدف تفعيل الحياة البرلمانية وتحصينها من بعض الظواهر السلبية.
تاليا المواد الدستورية التي أقترح تعديلها، حسب ترتيبها في الدستور وليس بالضرورة حسب أهميتها:
اولاً، المادة (69-1) والتي تنص "ينتخب مجلس النواب في بدء كل دورة عادية رئيسا له لمدة سنة شمسية ويجوز إعادة انتخابه".
الانتخاب السنوي لرئيس المجلس، يجعل منه "رهينة" في يد الأعضاء، في الحالة الاردنية حيث لا وجود لأحزاب او كتل برلمانية متماسكة، ما يدفع الرئيس لمحاباة الأعضاء لكسب ودهم، ما يضطره للمساومة من أجل مكاسب ومنافع خاصة. والأدلة شاخصة أمامنا ولا تحتاج إلى شرح.
التعديل المقترح؛ بأن يكون انتخاب الرئيس لمدة أربع سنوات أو لسنتين على الأقل. وأن ينص التعديل على حق الأغلبية المطلقة من النواب، بسحب الثقة من الرئيس، حتى لا يتعسف الرئيس باستعماله سلطاته.
ثانيا، المادة (71) التي نصها "لمجلس النواب حق الفصل في صحة نيابة أعضائه... ولا تعتبر النيابية باطلة، ألا بقرار يصدر بأكثرية ثلثي أعضاء المجلس".
هذا النص يعطي الأغلبية النيابية حق تحصين أعضائها من الطعن في صحة نيابتهم ويمنحها السيف لتسلطه على رقبة المعارضة.
لم تشهد الحياة النيابية منذ تأسيسها قبول طعن واحد في صحة نيابة أحد الأعضاء، بالرغم من "البلاوي" التي نعرفها. واللجان، التي يشكلها المجلس للنظر في الطعون المقدمة، تعمل بإرادة سياسية مسبقة وتبحث عن مبررات لرد الطعون. التعديل المقترح، يقضي بتحويل الطعون بصحة النيابة إلى القضاء وأن تتوفر عناصر التقاضي العادل، بحيث لا يكون الخصم هو الحكم.
ثالثا، المادة (77/1) والتي نصها "..يعقد مجلس الأمة دورة عادية واحدة في غضون كل سنة من مدته". والفقرة (3) من المادة نفسها "تمتد الدورة العادية أربعة اشهر". لا يعقل أن يعمل مجلس النواب بكامل صلاحياته الدستورية أربعة أشهر في العام فقط. والدورات الاستثنائية ليست بديلاً من إطالة مدة انعقاد الدورة العادية. لأن الدورات الاستثنائية مقيدة وتحرم المجلس من سلطة الرقابة والمحاسبة مدة ثمانية أشهر في السنة. التعديل المقترح؛ أن يتم عقد دورتين في السنة مدة كل منهما أربعة شهور.
يقال إن طول مدة الدورة البرلمانية يعيق عمل الحكومة، لأن الوزراء يقضون جل أوقاتهم في جلسات المجلس واجتماعات اللجان النيابية.
هذه حجة واهية، لأن عمل الوزراء سياسي اولا، ثم إنها حجة للإفلات من سلطة الرقابة والمحاسبة النيابية.
هل رأيتم، كم هي ملحة وواقعية هذه التعديلات الدستورية، وكم هو كبير فعلها ومردودها على الحياة البرلمانية والسياسية بشكل عام؟
لماذا لا نفعلها؟ اذا كنا جادين في العمل من أجل مجلس نواب "قوي وفاعل ومؤثر". الحجة الوحيدة التي نسمعها من المسؤولين، كلما دار حديث عن تعديل دستوري هم مقتنعون به "لا نريد أن نفتح باب التعديلات الدستورية".
وكأننا لم نعدل الدستور (9) مرات منذ صدوره في 1/1/1952 وطالت التعديلات (24) مادة من الدستور.
هذا "الرهاب" من التعديلات الدستورية يجب أن يزول وأن نرفع منسوب ثقتنا بأنفسنا كي لا نظل نتعثر بظلنا.

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  بسام حدادين   جريدة الغد