وجه الرئيس الفلسطيني محمود عباس في اللقاء الذي جرى في بيت السفير الفلسطيني بعمان،الدعوة إلى عدد من الكتاب الذين التقاهم الأحد الماضي لزيارة السلطة الوطنية الفلسطينية، للاطلاع على حالة الاستقرار والنماء وبناء المؤسسات الفلسطينية. مستدركاً بأن مثل هذه الزيارات، ليست من أعمال التطبيع لأنها لا تعني التواصل مع الآخر الاسرائيلي المحتل، إنما التواصل والتضامن مع الفلسطيني على أرضه ومع السلطة الوطنية الفلسطينية.
أنا شخصيا، أدعو إلى ما هو أكثر من التواصل والاطلاع. أدعو إلى التأسيس لحوار دائم وموصول بين المثقفين والسياسيين الأردنيين والفلسطينيين على المستوى الشعبي وبين منظمات المجتمع المدني المتماثلة. ويجب أن لا نكتفي بالعلاقات الرسمية الفوقية بين الدولة الاردنية والسلطة الفلسطينية، وهي على كل حال علاقات مميزة تستند إلى تفاهم سياسي عميق، يمكن البناء عليه.
علينا أن نعترف بأن العلاقة بين السياسيين والمثقفين ومنظمات المجتمع المدني، الاردنية والفلسطينية، تكاد تكون معدومة. والحوار في القضايا المشتركة الراهنة والمستقبلية معدوم ايضا.
ولنعترف، أيضا، بأن العلاقات الرسمية الأردنية- الفلسطينية مرت بمحطات هزت الثقة بين الجانبين، وهواجس التدخل في الشؤون الداخلية، كان ذلك مصدر قلق متبادل، لكن في السنوات الاخيرة ومنذ تولي الرئيس عباس مسؤولياته، على رأس المنظمة وفتح والسلطة، تبخرت الهواجس وتعززت وتعمقت الثقة الرسمية بين الجانبين.
الخطاب الرسمي الأردني، وما يردده جلالة الملك مرارا من أن ليس للاردن أطماع وهو لا يبحث عن دور في الضفة، واعتبار قيام الدولة الفلسطينية المستقلة مصلحة وطنية أردنية، بدد أي هواجس من أي نوع لدى الجانب الفلسطيني.
في المقابل، تلتزم السلطة الفلسطينية وفصائل (م.ت.ف) بعدم التدخل في الشؤون الداخلية الاردنية. وبحدود علمي، فان الدولة الاردنية مرتاحة لهذا السلوك، ما يعزز الثقة المتبادلة.
حتى قضايا "تصويب الاوضاع" استناداً لقرار فك الارتباط، تعتبرها السلطة الفلسطينية شأنا سياديا اردنيا.
خلاصة القول: الجانبان الأردني والفلسطيني تعرفا على حدود وتخوم التداخل والتمايز في الشأن الأردني والفلسطيني، والتزم كل طرف عند حدوده.
هذه نتيجة جيدة وممتازة، يجب البناء عليها وتطويرها، على الصعد الرسمية والاهلية ايضا. فالعلاقة بين الاردنيين والفلسطينيين علاقة تاريخية ومستقبلية، يجب أن لا تخضع لتقلبات السياسة، لأنها أعمق من أي خلاف أو تباين.
أنا لا أفهم، لماذا لا تقام حتى اليوم ندوات حوارية، يشارك فيها سياسيون ومثقفون من الجانبين، في عمان ورام الله، على حد سواء، لمناقشة الهموم المشتركة، السياسية وغير السياسية. لماذا لا نتحاور في العلاقات المستقبلية وبقضايا ما يسمى بـ"الوطن البديل" والتوطين واللاجئين؛ وحتى بقضايا تداخل العلاقة بين الشعبين وسبل معالجة موجبات هذا التداخل بما يخدم القضية الوطنية لكلا الشعبين.
لا يعقل أن تستمر حالة "الرُهاب" من الانفتاح والحوار بين المثقفين والسياسيين والنخب الأردنية والفلسطينية. حوار نحتاجه معاً، للإجابة عن الاسئلة المشتركة، الراهنة والمستقبلية. حوار يساعد على فهم الآخر، وتبادل الرأي والمعرفة. حتى لا نظل، كلانا، حبيسين لما يضخه الإعلام الموجه، من الأعداء "والأعدقاء".
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة بسام حدادين جريدة الغد