قبل شهرين تقريبا اتصلت بخدمة الرقم 1212 للسؤال عن رقم هاتف.
وبعد التقديم الطويل المعروف وبعض الانتظار جاء الرد بأن أسبابا فنّية تحول دون اتمام الخدمة وعلي الاتصال لاحقا. كررت المحاولة خلال النهار بضع مرّات وحصلت على الاجابة نفسها ولم أفهم ماذا تعني "لاحقا"!! وعرفت من صديق لي أن الشيء نفسه يتكرر من النهار السابق. هذا الاتصال مدفوع الثمن من لحظة ردّ المقسم الآلي ولا يجوز تقاضي أجرة عن اتصال لن يحقق الخدمة، بل وتوجيه المستهلك لمعاودة الاتصال فيما بعد ليحصل على النتيجة نفسها ؟!!
الجديد بعد ذلك أن الخدمة تغيرت. ففي السابق كان الردّ يتمّ فورا ويغرقك العامل باللطف ويسألك ان كنت تريد شيئا آخر ويصرّ على شكرك. الآن يردّ المقسم بالعبارات المعهودة وختامها أن هذه الخدمة مسجّلة لغايات الجودة ثم يطلب منك الانتظار.. كم؟ المعدّل يتراوح حسب ساعتي من ثلاث الى اربع دقائق مدفوعة الثمن وفوق ذلك أصبح الردّ جافا. وقبل ايام قبل إغلاق الخطّ لطرح تساؤلاتي عن سرّ التغيير وفترة الانتظار الطويلة فأجاب العامل بلهجة محسومة " إنه الضغط على الاتصالات طبعا". وانا لست مقتنعا بذلك بل أعتقد أن قرارا برفع كلفة الخدمة وسيلته اطالة أمد الانتظار أو تقليص النفقات بتقليل عدد العاملين في القسم. وكلاهما يؤدي الغرض نفسه.
أنا لا أستطيع إثبات ادّعائي لكن جهة ما يمكن أن تدقق وتعرف لماذا يطول الانتظار، واذا ما كان قد تمّ تقليص عدد العاملين. وهذه الجهة غير متوفرة حتّى الآن. القانون على الارجح لا يجبر الشركة على تغيير نمط الخدمة وزيادة عدد العاملين مثلا لتجنب الانتظار. وهذه ليست خدمة حكومية والمنافسة مفتوحة بين شركات يقدم كل منها ما يشاء. وكما نرى فالنزال على أشدّه في تقديم العروض التي تفيد الإعلان أكثر من المستهلك الذي لن يصمد أمام هذا الطوفان، وسوف يتقلب من عرض قديم لعرض جديد من دون أي توفير حقيقي، ويشمل ذلك عروض الانترنت وخدمات أخرى. والمدقق يستطيع ان يرى كيف يتم اخفاء جانب واظهار آخر في العروض ما يمكن اعتباره تضليلا للمستهلك. والقانون مرّة أخرى لا يحاسب ولا يطلب أن تقدم الشركة العرض بطريقه نزيهة
تظهر أنه في الجوهر لا ينطوي على أي توفير! لعلّ النمط الإغراقي في تقديم عروض متوالية بتعديلات شتّى هو نمط مختبر وأثبت جدواه عند غيرنا.
وآخر الصرعات في رمضان هو سيل لا ينقطع على هاتفك الخلوي من الرسائل لمسابقات واسئلة لا تقول ما مصدرها بالضبط وكم يكلف الردّ على سؤال المسابقة أو الاتصال للاستفسار عن جائزة تدعي الرسالة بصورة مواربة أنك فزت بها.
ابتداع كل الوسائل لتوسيع الجباية من المواطن قد لا يمثل خرقا لقانون لكنه غير نزيه وغير شرعي، وقد حان الوقت لنشوء جهة رقابية من المجتمع المدني مدعومة حكوميا لحماية "مستهلك الخدمات" ولهذا حديث لاحق.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
جميل النمري صحافة جريدة الغد