ان يدعو جلالة الملك الى اجتماع خاص لمناقشة ظاهرة ارتفاع الاسعار، يعني أن المشكلة تفاقمت وخرجت عن السيطرة وأن المواطن يخسر من دخله المتآكل اصلا ويخفض من مستوى معيشته الزاهدة اصلا بسبب السياسات الاقتصادية المعتمَدة والتراجع في دور الدولة الاجتماعي والرقابي وعدم تدخلها لمواجهة انحرافات السوق والارتفاعات غير المبررة في الاسعار.
ان يقرع الملك الجرس ويدعو الى حملة شاملة لحماية المواطن المستهلك، يعني ان الاجراءات الحكومية الحالية غير كافية ولم تحقق هدف الحد من من الارتفاع غير المبرر للسلع والخدمات.
الحملة الشاملة التي يدعو لها الملك تستوجب التفكير بعمق والوقوف امام كل العوامل التي تدفع بارتفاع الاسعار وانفلاتها.
وهذا يعني مراجعة السياسات الاقتصادية والاجتماعية والسياسات الضريبية والنقدية لاستخلاص النتائج المرجوة. كذلك لا بد من مراجعة دور الحكومة "الحيادي" وتقاعسها عن التدخل واستعمال صلاحياتها القانونية وتحديد اسعار العديد من السلع الاساسية التي يجري مبالغة في اسعارها وتحديدا في شهر رمضان المبارك والاعياد.
الخطاب الرسمي لا يقدم اجوبة شافية عن اسئلة كبيرة يطرحها المواطن صباح مساء وهو يتلوى تحت وطأة الارتفاع المتواصل للاسعار.
ويكتفى الخطاب الرسمي بتقديم اجوبة باردة بالاشارة الى ان السوق الاردني حر ومفتوح لا يمكن التدخل بمجرياته، ويرفق هذه الاشارة بدعوى ساذجة للتجار لمراعاة ظروف الناس وعدم المبالغة في رفع الاسعار.
هذا كلام مضلل وحجة متهاوية تعكس عقلية اقتصادية احادية النظرة، تسقط بالكامل دور الدولة والتشريعات والسياسات الاقتصادية والمالية لحماية المستهلك.
تحرير التجارة والسوق المفتوح لا يعني ابدا ان ترفع الدولة يدها وتغمض عينيها عما يجري وكأنها طرف حيادي. نحن لا ندعو الى العودة الى منظومة القطاع العام، بل ندعو الى تفعيل التشريعات القائمة وسن تشريعات جديدة اذا اقتصى الامر تساعد الدولة على التدخل لاعادة التوازن الى السوق عندما تنفلت الاسعار من عقالها.
لماذا لم تستعمل الحكومة سلطتها التي يمنحها لها القانون في تحديد اسعار السلع الاساسية، وكلنا يعرف ان هناك انحرافات خطيرة في السوق، تحديدا في شهر رمضان المبارك، وإن كثيرا من المواد الاساسية نسبة الربح فيها عالية جدا جدا. وقد كشفت دراسة اعدتها جمعية حماية المستهلك عن معلومات صارخة في هذا الصدد.
قرار تحديد اسعار السلع في ظروف معينة استثنائية، مثل شهر رمضان، يحتاج الى سياسية صلبة واداء اداري رشيق وجهود استثنائية من اجهزة الدولة المختصة. وقدرة على الصمود في وجه الحيتان الذين يعرفون الطريق جيدا للافلات من الرقابة الحكومية. ولهم في مجالس الوزراء في العادة ممثلون ومدافعون غيورون.
بصراحة.... نحتاج الى فريق اقتصادي جديد وسياسات اقتصادية- اجتماعية جديدة.
هل يفعلها الرئيس نادر الذهبي وهو يقلب اوراقه للتعديل على حكومته او ربما تشكيل حكومة جديدة.
ليكن الفريق الاقتصادي عنوان التغيير المقبل. مطلوب فريق اقتصادي ومساعدون له معروف مسبقا رؤيتهم الاقتصادية وتطلعاتهم الاجتماعية وقلوبهم على الاقتصاد والناس معا.
وحذار.. حذار من وزراء البرنس، فهم سند قوي لمدرسة التحرر من الدور الاجتماعي.
اخيرا؛ هل سنسمع صوتا قويا للمجلس الاقتصادي الاجتماعي يثبت فيه استقلاليته ويقوم بدوره المفترض. ثقتنا عالية برئيسه والعديد من اعضائه.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة بسام حدادين جريدة الغد