مرت الذكرى السنوية الثانية عشرة لانتفاضة الأقصى هذا العام بصمت، لم يكد يتذكرها أحد، ما خلا بعض المدونين، فيما إسرائيل وحدها من تتعقب هذه الذكرى، وترصد أي تحرك يمكن أن يبعث الحياة فيها، ولو في العالم الافتراضي، على شبكة الإنترنت.

لقد طاردت إسرائيل بكل ثقلها شبح الانتفاضة فوضعت كل ذلقها لحذف صفحات الانتفاضة الثالثة من صفحات الفيسبوك، فكانت كلما وصل عدد معجبي الصفحة إلى رقم كبير تجند جيشها الإلكتروني لتعقب الصفحة ودفع إدارة الموقع لحذفها، طبعا الانتفاضة الثالثة هنا ليست انتفاضة حقيقية بل هي انتفاضة في العالم الأثيري المفترض، ومع ذلك لم تحتملها إسرائيل، بل لم تحتمل مجرد وجود اسمها، ما يدل على أن إسرائيل تحسب لهذا المصطلح مليون حساب، بل إن جيوش إسرائيل الإلكترونية امتدت نيرانها إلى تطبيق الانتفاضة الثالثة في متجر شركة آبل فتمت إزالته هو الآخر، أحد المدونين لفت النظر إلى كيفية مواجهة هذه الحرب الإلكترونية، فأشار إلى جملة من المسائل، أحب أن أعممها على القراء المعنيين بأن يكونوا جزءا ممن يواجهون إسرائيل وجيشها الإلكتروني، ما دامت كينونة الانتفاضة على الأرض متعذرة، فلما لا تظل حية ولو في العالم الافتراضي؟.

من النقاط المهمة هنا أن يعرف المقاومون الإلكترونيون حدود استخدام الادوات الحديثة في نشر القضية العربية وايصال وجهة نظرنا كعرب، فعلى سبيل المثال لو اردنا عمل برنامج يتعلق بالقضية الفلسطينية يجب ان لا نسميه (الانتفاضة الثالثة) ويجب ان يكون محتوى البرنامج لا يسيئ بشكل مباشر الى اي طرف وفي نفس الوقت يحقق اهداف البرنامج ويقوم بايصال الرسالة التي تم انشاء التطبيق من اجلها، هذا ما يسمى معرفة حدود استخدام الادوات الحديثة. طبعاً الا اذا اردنا استفزاز الطرف الاخر لغرض معين، هذه نقطة مهمة يجب ان نتعلمها، ولكن في نفس الوقت يجب ان لا تستهين بنا الشركات وتعلم ان لنا ثقلا ويجب على هذا الشركات قبل اتخاذ اي قرار بحذف اي برنامج على اساس تمييز فئة على فئة بعد ان سمحت به في متجرها ورأت انه لا شيء فيه، يجب ان تعلم انها سوف تُغضب الكثير من المستخدمين الذين يرون في حذفها لهذا التطبيق نوع من التحيز وعدم المراعاة لشعور فئة كبيرة من المستخدمين، واذا سكتنا على ذلك، سنجد انه لا وزن لنا، فهل تتذكرون عند اول ظهور للأي فون كان برنامج الطقس يقسم القدس الى قدس شرقية وقدس غربية، فقامت الدنيا ولم تعقد عند الصهاينة لأنهم يقولون ان القدس واحدة وهي عاصمة اسرائيل، وما حدث في النهاية، أنه تم التعديل من شركة ياهو صاحبة برنامج الطقس على الأي فون وأصبحت قدسا واحدة. اذاً الصهاينة لا يسكتون على أبسط الاشياء وحتى اذا ظهر وشاح فلسطيني في احد الدعايات الخاصة بموقع أي-فون إسلام كما حدث من قبل، يسعى الصهاينة لعمل دعوات لوقف هذا الإعلان والامثلة كثيرة فكل خرائط تطبيقات الموقع حذف من عليها كلمة فلسطين، كل شيء له علاقة بالهوية الفلسطينية يتم حذفه.

إذا كانت مواقع الانتفاضة الثالثة وتطبيقاتها الإلكترونية وأي رمز فلسطيني تتم مهاجمته وملاحقته على شبكة الإنترنت، وتطبيقات الهواتف النقالة، فكيف سيكون حال إسرائيل حينما تندلع فعلا هذه الانتفاصة على الأرض الفلسطينية، خاصة في أجواء الربيع العربي المفعم بالحراك الشعبي؟.

الغريب، أن الصهاينة لم يدخروا جهدا بالتحرش بالأقصى، اقتحاما واعتداء، وتهويدا، كأنهم يختبرون مكامن النخوة في ضمائرنا، ولكن يبدو أن المجسات الوطنية الفلسطينية «مخدرة» بفعل الانقسام وميوعة الأحداث على الساحة الفلسطينية، والعربية.

 

بقلم حلمي الأسمر


المراجع

.addustour.com

التصانيف

صحافة  حلمي الأسمر   جريدة الدستور   العلوم الاجتماعية