وصل خبر الإرادة الملكية بحلّ مجلس النواب مساء أول من أمس وكنّا نسهر في آخر ليلة لنا في أبو ظبي في ضيافة سفيرنا الجنتلمان جمال الشمايلة مع عدد من رموز الجالية الاردنية هناك. كانت التعليقات على الفور وبالإجماع سعيدة بالقرار بل انفتحت شهية الحضور أكثر على المنسف الشهي وهو سيد مائدة الاردنيين في هذه المناسبات.
وطوال أمس في عمّان لم أسمع سوى التهاني وكأن حملا ثقيلا انزاح عن ظهر الناس. هكذا تراجعت النيابة في بلدنا!! حتى بات حلّ المجلس بمثابة هدية من ملك البلاد على أبواب العيد. و كان السؤال مع حلّ المجلس هو كيف نعود بنيابة مختلفة، وجاء الجواب أمس في الرسالة الملكية للحكومة تطلب “تعديل قانون الانتخاب، وتطوير جميع إجراءات العملية الانتخابية، لتكون الانتخابات المقبلة محطة مشرقة في مسيرتنا الإصلاحية والتحديثية، في أسلوب الانتخاب وفي الاجراءات وضمان انتخابات نزيهة وعادلة وشفّافة”.
نحن إذن أمام مشروع الانطلاقة الثانية بعد التحول الديمقراطي عام 89. وكان جلالة الملك قد تحدث عن وقفة للمراجعة والتقييم بمناسبة مرور عقد على العهد الجديد، والحق أن واقع الحياة السياسية وفي المقدمة واقع الحياة النيابية ما كان يسرّ صديقا، وكيف لديمقراطية سياسية (عنوانها مجلس النواب) أن تقود إصلاحا وتحديثا وهي نفسها تعاني أمراضا خطيرة ومحبطة لمسيرة الإصلاح.
الحكومة لديها توجيه ملكي صريح بتعديل قانون الانتخاب باتجاهات محددة تضمن تطويرا سياسيا حقيقيا، وبحساب الوقت المتاح فلن يكون ممكنا إجراء تعديلات ضرورية تشمل الاجراءات للمسار الانتخابي ولأسلوب الانتخاب وللدوائر ثم اجراء الانتخابات خلال 4 اشهر كما يقضي الدستور، ولذلك من المرجح أن تضطر الحكومة لطلب ارادة ملكية بالتمديد الى الصيف على الأقل.
بالمقابل فان نيابة من نوع جديد تقضي ليس فقط تغيير قانون الانتخاب، بل ايضا تطبيق اللامركزية بنقل السلطات والصلاحيات الى المجالس المحلية لتحرير البرلمان من ظاهرة نائب الخدمات والواسطة والمحسوبية. وعليه فمن المنطقي المسارعة الى اصدار انفاذ اللامركزية بقانون مؤقت تجري على أساسه انتخابات المجالس المحلية، وهكذا قد نكون ايضا أمام ضرورة انتخابات جديدة للمجالس البلدية التي شابها ما شاب الانتخابات النيابية من أخطاء وتدخلات.
لهجة الرسالة الملكية لا تترك مجالا للشك في عمق وشمول الإصلاح المطلوب ولم يتم التوصل الى هذه القناعات عبثا، فنحن الذين أخذنا الريادة عام 89 فقدنا هذه الميزة إزاء كثيرين كانوا خلفنا والهوّة بين الرؤية والطموحات الملكية وبين ما يحصل على الارض ( ومجلس النواب أبرز مثال) أخذت تتسع بصورة لم تعد مقبولة، وإذ دقت ساعة التغيير فليست القضية عند الحكومة فقط، أنها مسؤولية عموم الناس أن تضع قدمها في الركاب.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
جميل النمري صحافة جريدة الغد