لم يوفق رئيس مجلس النواب في ادارة النقاش حول المقترح النيابي لتسيير سفينة لكسر الحصار عن غزة تقدم به نواب جبهة العمل الاسلامي وآخر,ن. وظهر من خلال المداولة والتصويت ان المجلس يعارض المقترح. ولم تخفف توضيحات الرئيس وشروحاته التي فسر فيها قرار المجلس وكأنه موافقة على الاقتراح وتكليف للمكتب الدائم لدراسة الترتيبات, من الانطباع الذي خلفه اقتراح السرور بتأجيل النقاش الى حين دراسة امكانية نجاح الترتيبات.
الرئيس كان قد اتفق مسبقاً مع السرور على الاقتراح وقد اشارت صحيفة العرب اليوم في عددها الصادر امس الى اتفاق المجالي - السرور وقد حصل بالضبط ما اشارت له الصحيفة.
ما كان يجب ان يتم التعامل مع المقترح بهذه الطريقة المواربة والتي تعني الالتفاف على المقترح. وما زاد من الريبة, منع الرئيس النواب من الكلام ومناقشة المقترح واعتبار مقترح السرور بتأجيل النقاش هو الاساس.
ادارة سياسية مرتبكة, اعطت نتائج غير مرغوبة ولا تعكس حقيقة موقف البرلمان والشعب الاردني من قضية الحصار السياسي والانساني الذي يعاني منه اهلنا في قطاع غزة.
كان على الرئيس ان يفتح النقاش بثقة في موضوع السفينة وان يتاح للنواب التعبير عن رأيهم. وكان على الرئيس ان يرتب مع كتلة (التيار الوطني) ليقدموا اقتراحات سياسية واضحة وتحشيد الدعم والتأييد لها.
كان يمكن ان يقال بوضوح, ان مجلس النواب ليس سلطة تنفيذية ليسيّر سفينة, بل مهمته ان يدعم سياسيا وعمليا جهود المنظمات الاهلية التي اعلنت انها ستسير سفينة الى غزة, وان يكلف المكتب الدائم بمتابعة هذا الامر مع الجهات ذات العلاقة.
كان يمكن ان يشار الى ان الدولة الاردنية هي اول من كسر الحصار على غزة وسيّرت قوافل محملة بالمواد الغذائية والطبية.
وكان يمكن ان يقال بان الاقتراح ذو اهداف سياسية واعلامية لان اسرائيل تشترط الموافقة المسبقة و"فيزا" للسماح للسفينة وركابها من الدخول الى غزة.
وكان يمكن ان يرسل النقاش ايضا رسائل سياسية اخرى الى اهلنا في قطاع غزة والمطالبة بفك الحصار السياسي عنهم من خلال الدعوة مثلا لاطلاق سراح 3500 حاج تمنعهم سلطة حماس من السفر لاداء فريضة الحج. هل يعقل ان لا نسمع كلمة واحدة من الاشقاء في الحركة الاسلامية الاردنية, نحو حجاج غزة الممنوعين من السفر حتى العبادة واركان الاسلام تخضع للمقايضة السياسية.
كان يمكن ان لا نسمح لاحد ان يستثمر في معاناة اهلنا في قطاع غزة بتطويع المعاناة لخدمة اهداف سياسية خاصة. من خلال فتح نقاش حر. تُجلى فيه الحقائق والمواقف. فليس لدينا ما نخجل منه او نحرج فيه.
مرة اخرى لم يوفق الرئيس وخسرنا سياسيا واعلاميا لاننا لم نواجه واخترنا الطرق الالتفافية وحرمنا نواب الشعب من خوض مناقشة حرة, ستكون مفيدة في كل الاحوال.
وكان على من يدّعون انهم يملكون اغلبية برلمانية ان ينظموا انفسهم ويديروا العملية السياسية بكفاءة .. لكنهم لم يفعلوا ولا اعرف ان كانوا منظمين بما فيه الكفاية لخوض مخاضات سياسية تحتاج الى يقظة ومبادرة وحسن الحساب.