كنت تناولت أغلب ما يدور في الساحة من مقترحات للنظام الانتخابي، وهي لا تغير شيئا أو تغامر بتغييرات غير مقبولة (من مراجع القرار على الأقل)، وكمثال على ذلك فإن تقسيم المملكة إلى دوائر بعدد المقاعد لا يغير شيئا، بينما جعل المملكة دائرة واحدة على أساس التمثيل النسبي للقوائم مغامرة غير مقبولة، ويبقى الآن (وأخيرا) ان نتحدث عن البديل (أو البدائل) التي تحقق تطويرا للحياة السياسية والنيابية بصورة معقولة و"مقبولة"، لكن في هذا المقال سننتهي أولا من موضوع الكوتات وهو الأسهل.
الكوتات موجودة بطرق مختلفة في الانظمة الانتخابية وتصنف كصيغة للتمييز الإيجابي لضمان تمثيل بعض الفئات مثل النساء والأقليات، لكن الآلية القائمة عندنا ليست الأمثل وتحمل شبهة دستورية مثل قصر حق البدو والمسيحيين والشيشان في المنافسة على مقاعد ودوائر بعينها، كما أن الصيغة الحالية لكوتا المرأة ظلمت كثيرا نساء المدن في كل المحافظات.
ولنقل بصراحة إن وضع الكوتا المسيحية في دوائر بعينها ظلم مقاعد المسلمين فيها، فبدل اقتطاع حصّة الكوتا من هذه الدائرة أو تلك بالذات، يمكن ببساطة تعويمها ويكون المقعد للأقليات إضافيا من نصيب الدائرة التي تعطي أعلى الأصوات للمسيحي أو الشركسي. يمكن ببساطة إيراد الصيغة التالية في القانون: "يجب أن لا يقل عدد الشركس والشيشان في مجلس النواب عن كذا وعدد المسيحيين عن كذا وإذا نقص عدد الناجحين عن ذلك يضاف أصحاب أعلى الأصوات على التوالي من مختلف الدوائر".
هذه الصيغة يمكن وضعها مع أي نظام انتخابي ومع أي تقسيم للدوائر. فالمسيحي والشركسي يستطيع أن يترشح في الدوائر كافة وينافس على كل المقاعد وبأي نظام انتخابي ثم بعد فرز النتائج قد نجد أن أحدا لم ينجح، أو نجح بالتنافس الحرّ عدد اقلّ من المقرر فنضيف أصحاب أعلى الأصوات من مختلف الدوائر وصولا إلى العدد المقرر في القانون.
وهذا يعني عمليا أن التمثيل ليس كوتا ثابتة بل هي ستكون قد اختفت أوتوماتيكيا إذا نجح العدد المقرر بالتنافس الحر، وهذه الطريقة تعني سقفا متحركا لعدد أعضاء مجلس النواب يرتفع بالحد الأقصى بعدد ممثلي الأقليات. ويمكن عمل الشيء نفسه بالنسبة للمرأة، لكن لا مناص من رفع العدد إلى 12 بعدد المحافظات، فيصبح النصّ في القانون "يجب أن لا يقل عدد النساء في مجلس النواب عن امرأة من كل محافظة"، وحيثما لا يتحقق ذلك بالتنافس الحرّ تضاف صاحبة أعلى الأصوات من بين دوائر المحافظة.
أمّا دوائر البدو فالحل البسيط وهو تحويلها إلى دوائر جغرافية. فيمكن مثلا إنشاء دائرة شمال شرق المفرق فالمنطقة تضم حصريا أبناء عشائر بدو الشمال، وبالمقابل لن نمنع ايا منهم من الترشح في أي مكان مثل بقية المواطنين، وهكذا لبدو الوسط والجنوب.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
جميل النمري صحافة جريدة الغد