كل يوم من عمر الانقلاب في مصر يسجل حدثا جديدا، ليس في صالحه، فقد برع رجاله أيما براعة في جمع الأعداء، ويبدو أن الجبهة التي كانت متحدة في مناهضتها لحكم الرئيس المنتخب محمد مرسي، بدأت بالتصدع على نحو متسارع..

مثال ذلك ما سمي «تنسيقية 30 يونيو» المؤيدة للانقلاب، حيث بدأت تنتقد الحكومة المؤقتة، بل شاركت في عدة احتجاجات ضد قانون التظاهر والممارسات القمعية للشرطة، انتهت باعتقال عشرات النشطاء السياسيين من أعضاء تلك القوى

آخر بيان للتنسيقية - التي يشارك فيها الحزب المصري الديمقراطي والمصريون الأحرار والحزب العربي الناصري وحزب الجبهة الديمقراطي وحركة كفاية – جاء تعليقا على قانون التظاهر وقالت فيه «لا يمكن أن يؤيد هذا القانون الا مستبد أو كاره للتغيير أو ملتصق بالسلطة، فلا مبرر ولا داعي له إلا اذا كان المطلوب هو وقف حركة الشعب المصري ومطالبه العادلة فى التغيير». أكثر من ذلك، اعتبرت أن الحكومة تحيد عن مسار الثورة، وأنها تتبع «منهج الغباء» الذي أسقط الحكومات السابقة، من اعتداء على النشطاء وممارسة العنف، كما انتقدت اعتقال النشطاء وقالت إنه يعطي مؤشرات قوية على نية إعادة الدولة البوليسية ، كما حذرت من أن هذه الحكومة ستدفع الثمن كما دفعته الأنظمة السابقة إن لم تتراجع عن هذا القانون، وهذه نغمة جديدة بالكامل على من أيدوا الانقلاب وسوّقوه بين الجماهير

بحسب موقع «عربي 21» وهو موقع عربي جديد انطلق من لندن، فقد اعتقلت الشرطة المصرية اخيرا ثلاثة نشطاء من تنسيقية 30 يونيو بتهمة رسم جرافيتي، التنسيقية اعلنت –طبعا- عن أسفها من الوضع الذى وصلت إليه الحياة السياسية فى مصر ومصادرة الحق في التعبير والذي يستخدم ضد كل من يمارس العمل السياسي حتى أولئك الذين شكلوا جزءا من حلف 30 يونيو، كما كشفت أن الممارسات الاستبدادية طالت الكوادر الحزبية والشبابية من مختلف الاتجاهات حتى المعروف موقفها الرافض لحكم الإخوان والداعية إلى مظاهرات 30 يونيو، وقالت إن تلك الممارسات ستعيد تقسيم الشعب مرة أخرى وستدفع كتلا ثورية لمواجهة النظام من جديد، مشيرة إلى أن «الفاشية العسكرية ستقف عائقا أمام أي تطور سياسي وتعيد رسم التحالفات السياسية من جديد ضد السلطة الحالية»

لو أغمضت عينيك، وسمعت هذا الكلام، لحسبت أن من يقوله هي هيئة الدفاع عن الشرعية، ولكن الحقيقة غير هذا، فقد بدا الانقلابيون يوحدون أعداءهم، كما فعل الرئيس مرسي في أواخر أيامه، وهو ما سهل الأمر على من يعاديه لحشد التأييد للتظاهر ضده، ويبدو أن السيسي يسير في الطريق نفسه، وتصديقا لهذا الكلام نستذكر تصريحات عماد الدين حسين، رئيس تحرير صحيفة الشروق، حين قال إن الجبهة العريضة من القوى السياسية التي شاركت بعزل الرئيس محمد مرسي آخذة في التفكك، بعد التحاق الحركات الثورية بالمعارضة، وحتى حركة تمرد التى كانت الداعي الرئيس لمظاهرات 30 يونيو أعلنت فروعها في عدة محافظات حل نفسها والعودة لصفوف الثوار، اعتراضا على ابتعاد الحكومة عن نهج الثورة، بل قال إنه لم يتبقَ في معسكر 30 يونيو سوى فلول نظام مبارك والجيش والشرطة الذين باتت بعض ممارساتهم تسبب لمؤيديهما الإحراج ويدفعون ثمنا سياسيا كبيرا بسبب ممارساتهم القمعية، وهذا ما يؤيده أيضا عبد الله السناوي القيادي الناصري حين قال إن الشروخ بين حلفاء «خريطة الطريق» تتسع، وقد تؤدي لانهيار التحالف بأكمله إذا ارتفعت درجة الإحباط الذي تسجله استطلاعات الرأى العام، فيما ما زالت جماعة الإخوان المسلمين تتمتع بظهير شعبي يساندها فيما تسعى إليه من تقويض الحكومة الحالية


المراجع

addustour.com

التصانيف

صحافة  حلمي الأسمر   جريدة الدستور